كتبت: سونيا سلفيتي
يمكننا تصوير الامتنان بأنه الحالة التي نصرف فيها انتباهنا إلى النعم التي تغمرنا كل يوم، وهذا هو المدخل الذي يقودنا نحن أصحاب الحميات الغذائية البائسين إلى المكان الآمن، حيث يمكننا أن نتوقف بما يكفي لنُمعن النظر في النعم التي رُزقناها لنكون عليهم شاكرين.
رغم أن هذا الزاوية مخصصة للحديث حول الطعام، إلا أني لا أعني بالامتنان ما يكون بخصوص الطعام فحسب، وإن كان لا بد أن نستشعر الكثير من الامتنان نحو نعمة الطعام. دعوني أستحضر معكم قوائم مهامنا الضخمة وكل المسؤوليات اليومية التي نراكمها، والتي يتعين علينا إنجاز بعضها بينما يمكننا بسهولة تفويض البعض الآخر إلى الغير لإنجازهم أو إعادة ترتيب الأولويات بخصوصهم لنكسب المزيد من الوقت حتى نعتني بأنفسنا بصورة أفضل. حيث إنه في وسط زحمة تلك المهام والمسؤوليات أتوقف للحظات حتى أستشعر الامتنان نحو النعم التي تغمرني، مما يساعدني على رؤية الأشياء على حقيقتها، بينما لا يمكن لهذه الرؤية أن تتضح أثناء الانغمار في الأحداث اليومية ذات الوتيرة المتسارعة، فنحن أصحاب الحميات الغذائية البائسون معروفون بنهمنا بالطعام هربًا من الحياة، وأننا لا نتوقف برهة لنتنفس عميقًا حتى نمعن النظر فيما ندخله إلى أجسامنا من طعام، إننا نأكل عندما ترتفع أرواحنا المعنوية، ونأكل عندما تكون في حالة سيئة. لذا أرجو أن يرزقنا الرب العون على أن نتريث كفايةً حتى ننتبه إلى هذه التصرفات المدمرة لنا خاصةً عندما تتحول إلى أسلوب حياة.
كفى جنونًا
مع بداية فصل الخريف هذا، آمل أن تنضموا إليّ في حملة صلاة الشكر لنتوقف عن هذا الجنون المتمثل في الاستمرار فيما نفعله مع توقعنا لنتائج مختلفة. هيا نجبر أنفسنا على أن نتريث ونجلس ونصلي صلاة الشكر قبل الطعام الذي نتناوله لتغذية أجسامنا وليس لتهدئة مشاعرنا.
نحن بحاجة إلى التريث بما يكفي لمعالجة تلك المشاعر حتى لا نحشو أجسامنا بالطعام غير الصحي بدلًا من التعامل مع المشكلة الحقيقية، علينا ألا نظل رهينة لبراعمنا الذوقية أو الأكل العاطفي، كما علينا أن نكون شاكرين لكل الإشارات التي تعطيها أجسامنا لتنبهنا حتى نراجع أنفسنا فيما نفعل، وتعد هذه العلامات مثل الصداع والانتفاخ والالتهاب وألم المفاصل بمثابة علامات حمراء تنذرنا بوجود مشكلة أكبر.
الانتباه إلى إشارات أجسامنا التي تدل على وجود مشاكل
هل تتذكرون قمة الجبل الجليدي التي تسببت في غرق سفينة التيتانيك العظيمة؟ هذا ما يحدث عندما لا نستمع إلى كافة العلامات التي ترسلها أجسامنا يومًا بعد يوم، حيث سنعاني من العواقب الكبيرة لسفننا الغارقة التي كان بإمكاننا إنقاذها، لذا علينا أن نكون ممتنين حقًا لكل إشارة ترسلها أجسامنا لتنبهنا، كما علينا أن نتعامل بجدية على الفور مع كل إشارة من خلال تغيير أسلوب حياتنا اليومية بما يعالجها.
من أين نبدأ؟
تختلف إجراءات التغيير هذه فيما بيننا، بناءً على المشكلة التي تواجه كل منا على حدة، فبالنسبة للبعض سيقللون من الصوديوم في وجباتهم الغذائية، بينما سيقلل آخرون من كمية الطعام التي يتناولونها لكل وجبة، وبالنسبة للبعض الآخر سيخصصون ثلاثين دقيقة من الأنشطة أو تمارين رفع الأوزان إلى نظام حياتهم اليومية. وسواء كان الأمر يتعلق بتقليل السكر أو التخلص من الكربوهيدرات الزائدة من وجباتنا الغذائية، علينا أن نتعلم أن نجلس جلسة امتنان بينما نجري هذه التغييرات التي نحتاجها.
لا شك أن الامتنان هو المدخل إلى حياة أكثر صحة وسلامة لنعيشها بطريقة تجعلنا حاضرين ذهنيًا. وهذا يهيئنا للعيش في الحاضر وعدم الانغماس في بحر من القلق والخوف، خاصةً في هذه الأوقات التي تسبب فيها فيروس كوفيد- 19 في المزيد من التوتر في حياتنا.
أنا ممتنة لكلٍ منكم لانضمامكم إليّ في هذه الرحلة الطويلة يومًا بيوم، والتي نتناول فيها وجبة كل مرة، ونحقق معها انتصارًا كل مرة.