بقلم: فريق مجلة نكهات عائلية
xx
بأسلوبها الفريد وإبداعها المبتكر، تُلامس الفنانة التشكيلية والمعلمة الأردنية سما دودين غريزتنا الفنية في مجموعتها “عين” التي تسلط الضوء على مفهوم العدالة الاجتماعية.
xx
التعلّم القائم على الاستقصاء
استخدمت دودين، الحاصلة على درجة الماجستير في دراسات الطفولة والمتخصّصة في التربية الفنية للعدالة الاجتماعية، الفنّ كوسيلة لتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية في كندا قبل عودتها للإقامة في الأردن. وتُوضح دودين أنّ نموذج التعليم القائم على الاستقصاء يُشجع التلاميذ على البحث والتحقق في الموضوعات التي تستحوذ على اهتمامهم. وتقول دودين:“عندما يُصادف التلاميذ موضوعًا مثيرًا للاهتمام، فسوف يقومون باستكشافه بشكل واسع من خلال البحث والتقصّي”، وتُضيف أيضًا “هذا النموذج التعليمي مختلف عن مناهج الفنون التقليدية حيث يُوفر الفرصة للتوجيه الذاتي وحرية التعبير”.
xx
وخلال فترة تواجدها في كندا، استخدمت دودين تقنيات ووسائط فنية مختلفة للتركيز على مسألة المساواة والعدالة، وقد أرسلت نسخة من أعمالها إلى البلديات المحليّة للتعبير عن آرائها الشخصية وآراء تلاميذها.
ولعلّ أبرز ما تنفرد به دودين، هو حرصها على ربط لوحاتها الفنية برسالة تُخاطب المجتمع بدلاً من التركيز فقط على اللوحات النهائية كأعمال مجرّدة، وتؤكد قائلة “أقول لتلاميذي دومًا أن رحلة الإبداع الفني تفوق أهميةً موهبة الإبداع نفسها”.
xx
معرض“عين”
لطالما كانت دودين مفتونةً بالعيون، حيث تقول:“تمتاز العيون بأنها الملامح الأكثر قدرة على التعبير عن مكنونات القلب”، وتوضّح سبب اختيارها اسم مبادرتها “عين”، فتقول:“العين مرآة النفس والروح حيث يُمكن للعيون أن تُظهر مشاعر جياشة بنظرة واحدة تعبّر عن الحال”.
تُناقش المجموعة الفنية الخاصة بدودين والتي تم عرضها في العاصمة عمّان العام الماضي، أبرز القضايا الاجتماعية الرائجة في الأردن وذلك عبر مجموعة مميزة من الرسومات اليدوية والرقمية التي تهدف لرفع مستوى الوعي المجتمعي وتشجيع الأفراد على التعبير عن آرائهم.
xx
“عيب”
تقول دودين أنه من خلال “عين”، تصف عائلة لوحاتها الموسومة باسم «عيب» العين على أنها استعارة مجازية لـ “مجتمع يُراقب وينتقد ويُصدر أحكامًا مُسبقة ويتلفّظ بكلمات لاذعة لإشعار أفراده بالعار”، وتُضيف: “يتحول العار أحيانًا إلى أخطبوط يُمثل آراء المجتمع”. بالإضافة إلى ذلك، تَظهر العين في لوحات دودين مشابهة لشكل السمك، لتوضيح كيف أن بعض المحرمات الاجتماعية متأصلة بعمق في وصمة العار، وتظهر العين أيضًا على شكل نحلة مما يعكس ظاهرة النميمة المزعجة في المجتمع.
xx
حظيت مجموعة “عيب” بصدىً واسع ولاقت رواجًا بين الناس عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تواصل بعض مستخدمي هذه المواقع مع دودين وعبّروا عن الآثار النفسية السلبية الناتجة عن وصمة العار في المجتمع، وتتذكر قائلة:“كان عليهم تقديم تنازلات عديدة بسبب الضغوط المجتمعية”. بعد تلك المحادثات عبر الإنترنت، قامت دودين بتوسيع نطاق عملها الفني حيث رسمت حوارًا بين العينين تستعرض من خلاله التقييد الذي تفرضه العادات والتقاليد المجتمعية على الحرية الشخصية للأفراد.
xx
تستخدم دودين ظلال ودرجات باللون الوردي في العديد من رسوماتها لإظهار كيف توجّه وصمة العار في كثير من الأحيان نحو الإناث. وتوضّح دودين:“أنّ رسوماتها هي مجرد رسوم كرتونية بسيطة، أنجزتها باستخدام أقلام ماركر كحولية لتعكس المعنى الساخر للرسائل المراد عكسها”.
xx
أمثلة على بعض هذه الرسائل:
”Yeeee shu’eib” وتعني “يا للعار”
“أمي، هل يمكنني الذهاب إلى طبيب نفسي؟ أنا لستُ على ما يرام “ تُجاوب الأم ابنتها “ ماذا سيقول الناس عنّا؟”
“بلغتِ الثلاثين من عمركِ ولم تتزوجي حتى الآن؟ ماذا سيقول الناس عنكِ! “
عينٌ على المستقبل
تأمل دودين في التعاون مع فنانات وفنّانين محليين في مشاريع مماثلة لمناقشة العديد من القضايا المجتمعية مثل الفقر والحرية السياسية والفساد وغيرها عبر عدسة الفنّ.
كما تعتزم دودين مواصلة مسيرتها في رسم اللوحات الفنية التي تبثّ روح الأمل والإلهام في قلوبنا، وتقول “لدينا قضية مجتمعية مشتركة إذا تعاملنا معها معًا بشكل صحيح فحتمًا سنتقدم خطوة إلى الأمام”.
xx
فوائد التربية الفنية في تحقيق العدالة الاجتماعية
رفع مستوى الوعي بين أفراد المجتمع حول العادات والتقاليد المجحفة بحقهم
تسليط الضوء على قصص وتجارب من لا صوت لهم
تعزيز مفهوم التسامح بين التلاميذ
إعطاء الأفراد فرصًا للتنديد ورفض الممارسات القمعية
إشراك الأفراد والمجتمعات وتمكينهم من اتخاذ إجراءات حقيقية بشأن القضايا الاجتماعية السائدة
