كتبت: دانا جودة، مدربة حياة
قد تراودنا أفكار وتساؤلات خلال تعاملنا مع الآخرين، نجد أننا نضع أنفسنا بمقارنة معهم، فنقوم بعقد مقارنة في مجال عملنا مع من يبدو عليهم التفوق، أو في مجالات أخرى كنجاح الآخرين بحياتهم الزوجية، أو في رخاءهم المادي.
مقارنة أنفسنا بالآخرين هي طبيعة إنسانية يقوم بها معظمنا، لكنها تبقى صحية وفي حدود المعقول طالما أنها لا تتجاوز شعورنا بالانتقاص تجاه أنفسنا وطالما انها لا تدفعنا للقيام بجلد الذات. فإن حصل هذا فإننا نجد أنفسنا في محاولات يائسة نحاول معرفة الخطأ الذي ارتكبناه، لننتهي باعتقاد راسخ يسيطر على حياتنا بأننا أقل من الآخرين.
يسلك الأشخاص الذين اعتادوا مقارنة أنفسهم بالآخرين طريقتين سلبيتين بالتفكير، إحداها بالتركيز فقط على مايملكه الآخرين وبذلك لن يدركوا ما يملكون من قدرات وتميز, أو بإعتياد إطلاق الأحكام السلبية والسخرية مما يقوم به الآخرون. والنتيجة الحتمية تتجلى بالشعور بالتعاسة والعجز أو الشعور بالافضلية والاستعلاء الوهمي، ولكن الواقع أن كلاهما لن يحقق هدف الشعور بالسعادة والرضا.
السؤال هنا، كيف نستطيع التخلص من هذه الأفكار السلبية التي ستتحول مع الزمن إلى اعتقادات راسخة لن تخدم تطورنا وشعورنا بالتميز والرضا تجاه ذواتنا؟
هناك العديد من التقنيات الفعالة التي تساعد على استبدال الأفكار السلبية بأخرى تعمل لصالحنا, الأسهل والانجع منها والذي أثبت علميا هي تقنية التحويل الجذري للأفكار. هذه التقنية تكشف عن الوجه الحقيقي لأطر التفكير التي تشكل عقبة أمام تقدمنا بالحياة.
باتباع هذه الخطوات سيصبح بالإمكان الوصول لنمط تفكير صحي يخدم ما نريد الوصول إليه:
تحديد الأفكار والمشاعر المعيقة
استحضروا تجربة تكررت معكم، كفقدانكم لفرص عديدة بالاستمرار بمكان عمل واحد، مما جعلكم تشكوا بقدرتكم وإن كنتم جيدا كفاية كزملائكم بالأماكن التي قمتم بالعمل بها. قوموا بمراقبة نمط الأفكار السلبية التي راودتكم خلال كل تجربة وحاولتم من خلالها إعطاء معنى معين لتجربتكم. استبدلوا هذه الأفكار بأخرى تدعم ثقتكم بنفسكم.
تغيير الأفكار المعيقة
لكل منا طريقته الخاصة في أداء العمل مما يميزه عن الآخر، فاسألوا نفسكم؛ ما الذي يميزكم؟ وما الذي تستطيعون عمله باسلوبكم الخاص الذي تتقنوه؟ ومالذي تستطيعون إضافته؟ اختاروا أن تنظروا للنماذج الناجحة على أنها وسيلة لإلهامكم بدلا من مقارنة نفسكم بهم.
دعم الأفكار الجديدة
التجربة والحقائق هي أفضل داعم لأفكارنا، لذلك فإن الدلائل ستعزز الأفكار تجاه الذات. استحضروا التجارب الناجحة التي خضتموها في السابق، والأحداث التي كنتم الجزء المميز بها. وتذكروا أن عدم الرضا عن الذات يقف حاجزا أمام رؤيتكم الجانب الآخر الرائع منا.
المشاعر هي المفتاح
دعم الأفكار الجديدة الإيجابية حول تميزكم وكفاءتكم بالحقائق والاثباتات سيساعد على تعزيزها، ولكن ربطها بالمشاعر سيحافظ عليها حتما.
استحضروا شعوركم بالرضا في الأوقات التي تمكنتم من أداء عمل ما بطريقتكم الخاصة. واجعلوا نيتكم أن لا تحرم نفسكم هذا الشعور بالرضا بعد الآن بمقارنة نفسكم بالآخرين.
لا تغيير بدون عمل
الاكتفاء بالخطوات السابقة دون العمل بها لن يخلق تجربة فعلية تستشعرون من خلالها التغير الحقيقي ، فاستعدوا للعمل بخطوات صغيرة، بتحديد أهداف قصيرة المدى، راقبوا أفكاركم لتقوموا باستبدالها فوراً. ولتقوموا بتحفيز نفسكم على إنجاز أي هدف بتحديد فترة زمنية للقيام به.
لا تنسوا أن تكافئوا نفسكم بعد إنجاز كل هدف تتقدمون فيه حتى وإن كان قدرتكم على التخلص من المقارنة بموقف ما.
كن متفهما لذاتك، مرنا مع نفسك
تذكروا انكم قد عشتم مع أفكار سلبية تجاه نفسكم لفترات طويلة مما يجعل من كسر أنماط التفكير القديمة والراسخة صعبا. لذلك لابد من التحلي بالصبر خلال ما تمرون به من خطوات للتغيير، ولا بأس من المرور بلحظات تشعرون معها بالضعف تتخلل شعوركم بالقوة والتمكن. مواجهة مشاعر مختلطة خلال اي تغيير أمر طبيعي ومتوقع، لذا المرونة والتعاطف مع الذات يجب أن تكون رفيقكم الدائم.