الصداقة السامة

كتبت: سونيا سلفيتي

عام جديد يعني تكوين بدايات جديدة، كما أنه الوقت الأمثل لإجراء حملة تعزيل شتوية قبل حلول الربيع. لا أعني تنظيف خزاناتنا (على الرغم من أنها بحاجة إلى ذلك دائمًا!) بل أقصد التخلص من الصداقات السامة التي تسحب البهجة من حياتنا، وتتركنا أسرى الشعور بالإنهاك الشديد.

لنكن صادقين مع أنفسنا، فبعض الصداقات في حياتنا لا بد من المحافظة التامة عليها. هيا لنغربل قائمة صداقاتنا، ونسأل أنفسنا: “هل نقّيم صداقاتنا بناءً على قدرتنا أو رغبتنا بالقيام بالازم لنكون أصدقاء أوفياء، أم نوهم أنفسنا بأنها صداقات حقيقة، رغم أنها تستنفد طاقاتنا؟”
أحد أكثر الأشياء التي أحبها بخصوص أقرب الأصدقاء إليّ هي آذانهم الصاغية و اهتماهم الحقيقي. أصدقائي ليسوا من النوع الذي يحوّل دفة أي حديث أو حوار؛ ليتكلموا عن أنفسهم. الأصدقاء الحقيقيون هم من يستمعون إلينا بإصغاء، ويشاركونا أمورنا باهتمام، من أعماق قلوبهم الصادقة والأصيلة، إنهم من يبقون إلى جوارنا، ويهبونا المنطقة الآمنة لنكون كما نحن.


أصدقاؤنا الحقيقيون يحبونا عندما نكون سعداء، ويشجعونا عندما نكون حزانى، بل ويكونون على أتم الاستعداد لخوض غمار الحياة معنا بكافة تقلباتها ومنعطفاتها. هؤلاء الأصدقاء يفيض حبهم لنا، لدرجة أنهم لا يحكموا علينا، بل يبينوا لنا الحقيقة بمحبة، دون عبارات تأنيبية مثل “لقد أخبرتك بهذا من قبل!”

ما علاقة كل هذا بالطعام؟
التخلص من الصداقات السامة أو العلاقات الجوفاء يحررنا؛ لنتمكن من إعارة المزيد من الوقت لأولوياتنا التي تعود علينا وعلى أسرنا بالنفع. علينا ألا ننسى أن النسخة الأكثر صحة منا تعني أسرة أكثر صحة أيضًا. من خلال التركيز على الأولويات الأهم، فنحن نقدم نموذجًا يُحتذى به لأطفالنا، ليتعلموا ما الأشياء التي يجدر بهم أن يقولوا لها “لا“، وما الأشياء التي تستحق التقدير بالفعل، ليقولوا لها “نعم“. مما يدفعنا لنقول نحن “لا“ لإغراءات الطعام، ونبني فينا إرادة قوية لنقول “نعم“ للاختيارات الأكثر صحة.


عندما نبدأ باختيار صائب، يسهل علينا تحديد الاختيار الصائب الذي يليه، وهذا في كل أمور حياتنا، ليس فقط فيما يتعلق بالطعام. عند تقوية “عضلة الصبر“ لدينا، سنساعد أنفسنا على تدريب أدمغتنا لتكون صبورة بما يكفي، حتى تتريث قليلًا وتفكر قبل أن تعطي الأمر بتناول االوجبات السريعة غير الصحية. كلما فعلنا ذلك، أصبحنا أكثر قدرة على قول “لا“ لأنفسنا بدافع الحب وليس الخوف. في مقدورنا اختيار أن نحب أنفسنا بالقدر الكافي؛ حتى نهتم بأجسامنا بدلًا من العيش في نطاق الخوف من حكم الناس علينا.


أفضل هدية نهديها لأنفسنا هذا العام
أن نحب أنفسنا بالقدر الكافي للاعتناء بها وأن نهديها أفضل الأصدقاء وأقوى المدافعين عنها. إذا فكرنا قليلًا، سندرك أننا قد نصبح الصداقة السامة لأنفسنا عندما نرفض الاستماع إلى أجسامنا، حينما تتوسل إلينا أن نكون أكثر لطفًا معها. حيث تتوسل إلينا أجسامنا عن طريق الآلام البدنية والصداع وانخفاض الطاقة ومستويات الإجهاد المتزايدة. كما تتوسل إلينا من خلال التأثيرات على النوم، والكثير من الجوانب الأخرى في حياتنا، مثل قلة الثقة بالنفس حتى الفقدان التام للشعور بالذات.


لنهدء أدمغتنا قليلًا من صخب الحياة، حتى نتمكن من رؤية ما نفعله بحق أنفسنا. إذا تمكنا من فعل ذلك، سنتوقف عن السير في الطريق الخاطئ؛ لنتجه من فورنا إلى الجهة المقابلة، ونبدأ بتنظيف سلوكياتنا؛ حتى نكون الأصدقاء الأوفياء لأنفسنا، الذين يشدون من أزرها وسط العاصفة، حينها ستتلون حياتنا بالآثار الإيجابية لهذا الأمر. الأصدقاء الأوفياء لا يقفون مكتوفي الأيدي ينظرون إلينا ونحن نفعل كل شيء، بل يصلون في الوقت المناسب ليمدوا لنا يد المساعدة.


أصدقائي أصحاب الحمية البائسون، هيا نشمّر سواعدنا ونعمل أولًا بأول لمساعدة أنفسنا على التخلص من الأشياء غير الضرورية التي تشغل مكانة نفيسة في حياتنا. أتمنى لكم عامًا جديدًا أكثر صحة وسعادة!

 

يمكنكم التواصل مع سونيا سلفيتي على marsonsher@aol.com

Nakahat Ailiyeh