كتبت: سارة مهداوي، اختصاصيّة علم النفس السريري
يشعر العديد منا بتعب أكثر من المعتاد خلال فصل الشتاء، وتقلّبات في المزاج بشكل أكبر، كما تزداد الرغبة في التزام السرير ومشاهدة الأفلام مع تناول طبق كبير من وجبة غنيّة بالكربوهيدرات، وفي حال مغادرة السرير فقد نلاحظ أن مزاجنا يتشابه مع الجو العام في الخارج، بارد ومظلم وكئيب.
“اكتئاب الشتاء هو أحد أشكال الاكتئاب الناتجة عن تغيير ضوء النهار والطقس، ويحتاج منّا إلى التحكم به والسيطرة عليه”.
في العديد من الأحيان قد نشعر نتيجة ساعات النهار القصيرة، وانخفاض ظهور أشعة الشمس إلى استنزاف الطاقة والشعور بالاكتئاب، ويعد ذك نتيجة الإصابة بالاكتئاب الموسمي، وهو أحد أشكال الاكتئاب الناتجة عن تغيير ضوء النهار والطقس، وعلى الرغم من أن بعض الأشخاص يعاني منه خلال الصيف، إلا إن معظمهم يتأثرون بذلك نتيجة التغييرات التي تحصل خلال فصل الشتاء.
لماذا نشعر بالاكتئاب الموسمي أو اكتئاب الشتاء؟
في الواقع، فإن السبب الرئيسي للتعرّض لهذا الاضطراب غير واضح تمامًا، إلا إن اعتقاد بعض الخبراء يتجه إلى أن التغيّرات الموسميّة تعطل إيقاع الجسم اليومي، وهي الساعة التي تعمل على مدار الساعة، لتنظيم عمل الجسم خلال النوم وساعات الاستيقاظ، وهي بدورها التي تؤدي إلى الشعور بالنشاط واليقظة والنعاس والنوم في أوقات مختلفة.
ويوجد رأي آخر يعتقد أن هذا التغيير يؤدي إلى تعطيل بعض الهرمونات، مثل السيروتونين والميلاتونين المسؤولة عن تنظيم النوم ودورة الاستيقاظ والشعور بالراحة.
إشارات اكتئاب الشتاء
يمكن لنا تحديد تعرّضنا لاكتئاب الشتاء أو الاكتئاب الموسمي من خلال مجموعة من الإشارات، التي تتمثّل في علامات وأعراض يمكننا ملاحظتها على أنفسنا، ومنها:
- الشعور بالحزن بشكل يومي، وخلال معظم ساعات اليوم، في موسم واحد فقط
- الإحساس بالتعب والخمول المستمر
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي نستمتع بها عادةً
- تغيرات في الشهية، سواءً زيادة أو نقصان عن المعتاد
- تغيرات في نمط النوم، مثل النوم لفترة أطول من المعتاد أو أكثر من 8 ساعات يوميًا
التحكم في اكتئاب الشتاء
“يساعد المشي والتعرّض للشمس في مواجهة اكتئاب الشتاء”.
يمكننا السيطرة والتحكم باكتئاب الشتاء والحفاظ على مستوى جيّد من الطاقة، وذلك من خلال ممارسة بعض الأمور، مع الأخذ بعين الاعتبار أن اكتئاب الشتاء يؤثّر على كل شخصٍ منا بطريقة مختلفة، ففي حال لم تنجح إحدى الطرق مع أحدنا فإنها قد تكون طريقةً ناجحةً لدى غيرنا؛ لذا فإنّ علينا المحاولة وعدم الاستسلام، إلى أن نصل للطريقة الأمثل لنا.
- الحفاظ على النشاط: يساعد المشي لمدة ساعة واحدة يوميًّا خلال النهار في التغلّب على اكتئاب الشتاء
- التعرّض لأشعة الشمس: يساعد التعرّض لأشعة الشمس مدة 30 دقيقة فقط في الصباح بالحفاظ على الساعة البيولوجية للجسم على دورة الربيع خلال فصل الشتاء، الأمر الذي يساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب
- الحفاظ على الدفء: يؤدي الجوّ البارد وانخفاض درجات الحرارة في الشتاء إلى الشعور بالاكتئاب، كما أن احتمالية التعرّض له تزداد بعد الإصابة بالمرض أو الأنفلونزا؛ حيث إن إصابة الشخص بنزلة برد تؤدي إلى اضطراب المناعة بطريقة تشكّل عاملًا خطرًا للتعرض للاكتئاب، وبالتالي فإنه يمكن تدفئة الجسم من خلال ارتداء الملابس الثقيلة والأحذية الدافئة، وتناول المشروبات والمأكولات الساخنة، كما يفضّل الحفاظ على درجة حرارة المنزل ما بين 18 – 21 مئوية.
-
ممارسة الأنشطة الاجتماعية: تؤدي العزلة الاجتماعية إلى احتماليّة التعرّض للاكتئاب بصورة أكبر، وبالتالي فإن التواصل مع الأصدقاء والعائلة، وممارسة الأنشطة والرياضات الخارجية، أو المشي عندما يكون الجو مناسبًا، من الأمور التي تساعد في مكافحة اكتئاب الشتاء.
وفي حال كانت درجات الحرارة المنخفضة تجعل من الصعب الخروج من المنزل، فإن علينا ألا ننسى أن الهاتف الذكي جعل من العالم قريةً صغيرةً في جيوبنا؛ لذا فإنه يمكننا رؤية أصدقائنا وأحبائنا في مكالمةٍ هاتفيّة.
- إضافة العلاج بالروائح إلى روتينك اليومي: يساعد استعمال الزيوت العطرية في تحسين الصحة اليومية بشكل بسيط وآمن، خاصةً عندما ترتبط بنشاط آخر يساعد في تهدئة النفس، مثل الاستحمام أو الاسترخاء مع ضوء الشموع؛ حيث تعمل هذه الزيوت على تحفيز منطقة الدماغ المسؤولة عن التحكم في الحالة المزاجية والشهيّة والساعة البيولوجية بالجسم، كما أنه من الجميل الاستمتاع برائحة مهدئة ودافئة بشكل دائم، ويمكنك معرفة المزيد عن ذلك في زاوية نكهات عطرية.
- الحديث عن الاكتئاب: يمكن للعلاج الذي يعتمد على التحدث، مثل الاستشارة والعلاج النفسي والعلاج السلوكي المعرفي (CBT) أن يساعد في التعامل مع هذه الأعراض.
- طلب المساعدة: في حال كانت الأعراض تؤثّر على الروتين والنشاط اليومي، فقد يكون هناك حاجة إلى الاستعانة بالمعالج النفسي؛ حيث إن الاكتئاب الموسمي هو أحد أشكال الاكتئاب التي تحتاج إلى تشخيص وعلاج من الاختصاصي النفسي.
تذكر، إذا انخفض مزاجك مع انخفاض درجات الحرارة الخارجية، فإن الوقت قد حان لاتّخاذ إجراء واستعادة مزاجك.
يمكنكم التواصل مع سارة المهداوي على sara_mahdawi@hotmail.com