كتبت: رانيا السعدي، اختصاصية صحة نفسية
وممارسة في البرمجة اللغوية العصبية
طط
ربما شعر معظمنا بالإحباط وتدنّي قيمة الذات في إحدى علاقاتنا الاجتماعية أو العاطفية، أو ربما غيّرنا من أنفسنا لإرضاء شريك/ة الحياة، إذ يُوصف هذا النوع من العلاقات، بالعلاقات السّامة.
طط
علامات تؤكّد أنّنا أطرافًا في علاقات سامّة
لا شكّ أنّ العلاقات السامة مؤذية على الصعيدين العقلي والعاطفي، وربما على الصعيد الجسمي أيضًا لأحد الطرفين أو كليهما. فيما يلي بعض العلامات التحذيرية التي تؤكّد سُمِّيّة العلاقات:
الإساءة اللفظية أو العاطفية، مثل الانتقاد المستمر أو عدم الاحترام
الشعور بالإرهاق واستنزاف طاقتنا طوال الوقت
محاولة تغيير أنفسنا وشخصيتنا باستمرار لإرضاء الطرف الآخر
عدم الشعور بالرضا، ووجود مشاعر سلبية كالاكتئاب والغضب والخوف معظم الوقت
قيام أحد أفراد العائلة والأصدقاء المقربين بالتعبير عن قلقهم تجاه هذه العلاقة السامة
عدم القدرة على إبداء الرأي والتعبير عن المشاعر دون خوف من المبالغة الشديدة في ردة الفعل من الطرف الآخر، أي الشعور بالتجاهل
شعور الطرف الأول بقلة الثقة بالنفس وتدنّي احترام الذات بسبب قيام الطرف الآخر بالسخرية والتقليل من شأن الطرف الأول والتقليل من قيمته/ا وقدره/ا
تُوثر هذه العلاقة السامة على علاقاتنا الاجتماعية الأخرى بشكل سلبي
طط
لماذا يجذب بعض الناس العلاقات السامة؟
لا إراديًا، يميل بعض الناس إلى إعادة بناء علاقات قد عاشوها مسبقًا في مرحلة الطفولة، مثل: عَيْش العلاقة التي شهدناها بين أمهاتنا وآبائنا. لنفترض أن العلاقة بين الأم والأب علاقة غير صحية، حيث يسيء أحد الطرفين للآخر، في هذه الحالة، يميل بعضنا إلى برمجة هذا التصرف على أنه أمر طبيعي ومألوف لنخرج إلى العالم ونختار شريك/ة الحياة بما يتناسب مع الصورة العائلية ذاتها الموجودة في أذهاننا، وذلك بهدف الشعور بالأمان كوْن هذه العلاقة مألوفة بالنسبة لنا، أو بسبب عدم الوعي الكافي بالآثار السلبية طويلة الأمد الناتجة عن هذا النوع العلاقات.
طط
هناك سبب شائع آخر يجذب بعض الناس للدخول في علاقة سامة وهو الرغبة في تقمّص دور «الضحية». لنفترض على سبيل المثال، أنّ أشخاصًا تعرضوا للضرب المستمر أو الإساءة اللفظية من أحد أفراد عائلاتهم خلال مرحلة الطفولة، في هذه الحالة، وبعد مرور سنوات، سوف يبحث هؤلاء الأشخاص دون وعي عن شريك/ة الحياة الذين يتعاملون معهم بنفس الطريقة التي نشؤوا عليها، لكي يتسنى لهم لعب دور الضحية كوْنه أمر مألوف لديهم. لنفترص أيضًا أن أشخاصًا نشؤوا في أسرة حيث كان يتحتّم عليهم التضحية بوقتهم وجهدهم ومالهم بصمت في سبيل الاعتناء بباقي أفراد الأسرة، دون أدنى حقّ في التعبير عن مشاعرهم المدفونة. قد يكون هؤلاء الأشخاص هم أصغر أفراد الأسرة عُمرًا ومن التابعين لغيرهم دائمًا، ولم يُسمح لهم أبدًا بالتعبير عن آرائهم. من المتوقع أن يستمرّ هؤلاء الأشخاص في لعب دور الضحية والبحث عن شريك/ة الحياة ممن يساعدونهم في تقمّص هذا الدور.
طط
علاوة على ذلك، قد يجذب معظمنا العلاقات السامة لمجرد شعورنا بعدم الاستحقاق، وذلك بإقناع أنفسنا بقول، “أنا لستُ جيدًا بما يكفي لأستحق شخصًا يعاملني بصورة حسنة”، وبالتالي نقوم برفض أشخاصًا مناسبين عندما نقابلهم في حياتنا، وهذا ما ألاحظه كثيرًا في مهنتي.
إنّ العقل الباطن مسؤول عما يقرب من 99-95% من قراراتنا وخياراتنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا اليومية. لذا، فإن عدم الانتباه لأفكارنا المسؤولة عن قرارتنا التي يتم اتخاذها عند اختيار شريك/ة الحياة، فإن لذلك الدور الأكبر في انغماسنا في علاقات سامة خلال حياتنا.
طط
4 خطوات لكسر حلقة العلاقات السامة
1. الإدراك والاعتراف بأن العلاقة التي نعيشها هي علاقة سامة، إذ يغفل معظم الناس عن حقيقة ذلك
2. الاعتراف بأننا «لسنا سبب المشكلة ولسنا بحاجة لتغيير أنفسنا»ـ حيث عادة ما يعاني الطرف المؤذي من تدني احترام الذات، والطريقة الوحيدة لشعوره/ـا بالرضا هي عن طريق التقليل من شأن أشخاص آخرين
3. تجنّب وضع أنفسنا في موضع دفاع إذا استمر الطرف الآخر باستخدام عبارات جارحة أو مهينة، وإنما يُفضّل عدم الالتفات لرأي الطرف الآخر وبالتالي كسر هذه الحلقة السامة
4. وضع حدود بيننا وبين الأطراف السامين وصدّ انتقاداتهم وطاقاتهم السلبية من خلال زيادة ثقتنا بأنفسنا واحترامنا لذواتنا من خلال التحدث مع أنفسنا بإيجابية
هل تعلمون أن 80 في المائة من حديثنا اليومي مع أنفسنا هو كلام سلبي؟ ما يعني أننا ما لم نكن على قدر عالٍ من الوعي لإدراك ذلك، فسوف نُعامل أنفسنا بقلة تقدير واحترام قبل الآخرين. إذ تُشير الدراسات إلى أنه ليس ثمة ما يُعزّز من احترام الذات أكثر من الثّناء عليها، ومن هنا جاء سبب تسمية “احترام الذات” بهذا الاسم لأنه يعتمد على ما نعتقده نحن عن أنفسنا.
طط
يمكنكم التواصل مع رانيا السعدي على raniasaadi75@gmail.com