دعمًا وترويجًا وتثقيفًا خطوة بخطوة
في هذا العصر الإلكتروني، أضحت وسائل التواصل الاجتماعي منصات إعلامية، تؤدي دورًا مهمًا في حماية الرضاعة الطبيعية، وترويجها ودعمها.
ومجموعة “الرضاعة الطبيعية في الأردن” على الفيس بوك، تقدم وسيلة لتواصل الأمهات وخبراء الرضاعة الطبيعية والحصول على الدعم والمعلومات الدقيقة منها.
هذه المجموعة رائدة ومتخصصة بدعم الأمهات لبعضهن بعضًا فيما يتعلق بالرضاعة الطبيعية، ويبلغ عدد أعضائها أكثر من 4,000 امرأة. تجيب المجموعة عن تساؤلات تتعلق بالرضاعة الطبيعية بأكملها منذ البدء بها، ومتى يجب تقديم مكملات غذائية، وموضوع الحرمان من النوم، والرضاعة الطبيعية بوجود الناس، والموازنة بينها وبين العمل، والفطام، وغيرها من المواضيع.
لم تساعد “الرضاعة الطبيعية في الأردن” الأمهات على البدء بالرضاعة الطبيعية والاستمرار فيها وحسب، ولكنها ساعدت في خلق تواصل بين الأمهات وخبراء الرضاعة الطبيعية، وعملت على تشجيعها في المستشفيات، وشجعت الأمهات ليصبحن مستشارات معتمدات في الرضاعة والأهم من ذلك قدمت المجموعة الدعم النفسي، كما أنها جمعت بين الأمهات، والخبراء الذين أسسوا أول جمعية رسمية لدعم الرضاعة الطبيعية في الأردن، والتي تعد خطوة ذات أهمية كبيرة في الأردن.
البدايات
خاضت مجموعة من الصديقات حوارًا حول الحاجة لدعم مباشر للأمهات المرضعات في الأردن، ووجدن أن الأمهات يتلقين نصائح عديدة من كل الاتجاهات، وتقول برونين سيلز، وهي أسترالية مقيمة في الأردن، وإحدى مؤسسات مجموعات الدعم: “كان لدى الأمهات حاجة كبيرة للحصول على معلومات صحيحة، ودعم صادق في بيئة آمنة، حيث لن يحكم عليهن أحد، أو يقدم لهن نصائح مغلوطة”، ولذلك تجاوبت سيلز مباشرة مع لارا سمعان مؤسِّسة المجموعة حين زارتها، وأخبرتها: “لقد أنشأت مجموعة، فهل يمكنك المساعدة في إدارتها؟”
النمو
انتشرت المجموعة بين السيدات في الأردن، وبعد مرور عام على إنشائها أصبح من الضروري وضع بعض القواعد لتنظيم عملها، وعملت تسع إداريات للمجموعة على تصنيف الاستفسارات، ومتابعة المنشورات، وتقديم المزيد من الإجابات باللغة العربية، مما جعلها متاحة لعدد أكبر من الأمهات، وتقول سمعان، وهي أم لطفل، ولديها خلفية تعليمية في الاستشارات المدرسية: “إن انتشار المجموعة ونموها السريع دليل على الحاجة لوجود مثل هذه المنصات، والحاجة للمعلومات والدعم”، وتضيف “منحت الرسائل الإيجابية، والدعم المعنوي المقدم للأمهات سمعة طيبة للمجموعة، وشجعت مزيدًا من الأمهات على الانضمام لها”.
وتقول آن كوتش، إحدى هؤلاء الأعضاء، وهي فنانة أميريكية هولندية تقيم في الأردن: إنها تتفهم التوجه الجديد لسيدات يرغبن بالتواصل مع بعضهن بعضًا، وتضيف: “أصبح الحمل والولادة أمرًا متعلقًا بالسيدة وحدها، فلا تتوجه إلا إلى مقدمي الرعاية الطبية لتتحدث إليهم، ومع الوقت فقدنا الحاجة للتواصل مع غيرنا من السيدات”، ووجود وسائل كهذه المجموعة، يساعد على استعادة تقاليد أمهاتنا الكبيرات حين كن يساعدن بعضهن بعضًا، ويقدمن لبعضهن النصائح.
وتوافقها الرأي، صبا ياسين، وهي أم لفتاة عمرها عامان، وتعمل في قطاع التنمية، فتقول: “انضممت إلى المجموعة بعد عدة أسابيع من الولادة،التي كانت في غاية الصعوبة”، وتتذكر: “كان لدي الكثير من الأسئلة التي لم أجد لها جوابًا، وقد احتجت الدعم الذي وجدته من الأمهات والخبراء”.
لِمَ نحن بحاجة لمنتديات دعم في الأردن؟
نسب الرضاعة الطبيعية في الأردن من الأقل عالميًا، والتدريب الذي يتلقاه الأطباء والممرضون قليل، وغالبًا ما تكون المعلومات قديمة، وتشتكي كثير من السيدات في المجموعة من أن الكثير من المعلومات المقدمة في المستشفى تكون غير صحيحة، وتسبب المشكلات للأمهات اللواتي يرغبن بتقديم الرضاعة الطبيعية.
عدد من الأمهات في المجموعة قلن:إنه قُدمت لهن في المستشفى معلومات مثل:
“طفلك جائع ولا بد من تقديم حليب صناعي قبل أن يصبح لديك حليب”.
“ليس لديك ما يكفي من الحليب، ولا بد من تقديم الحليب الصناعي”.
“طفلتك تستيقظ باستمرار؛ لأنها جائعة، وحليبك غير كاف”.
يظن الكثيرون في الأردن أن حليب الأطفال الصناعي هو الوسيلة السحرية التي تجعل الأطفال ينامون طوال الليل، وينمون بشكل أسرع، ولكن هذه المعلومة قد تكون كارثية فيما يتعلق بتوفير كمية ملائمة من الحليب، وبناء الثقة بالنفس، وتوضح برونين: “هذا لا يعني أن المرأة لن تتمكن من تحقيق هدفها من الرضاعة الطبيعية، ولكن ذلك يجعلها تبدأ بصورة خاطئة، ويجعلها تتساءل عن قدرتها على تغذية أطفالها”.
وترى برونين أن هناك دعما قليلا من أطباء الأطفال، الذين عادة ما يكون لديهم القليل من المعلومات، أو معلومات قديمة، وتقول: لا يتم توجيه السيدات حول وضعية الرُضع الصحيحة في أثناء الرضاعة، والعناية بحلمة الثدي، وتصرفات الرضع الطبيعية، والأنماط المتعددة لرضاعة الرُّضع.
بعيدًا عما يتعلق بنقص المعلومات، والدعم المقدمين من مقدمي الرعاية الطبية، فمجموعات الدعم، مثل الرضاعة الطبيعية في الأردن” لها دور كبير توضحه برونين بقولها: “طبيعة الدعم الذي تقدمها الأمهات لبعضهن يعد متميزًا، والمعلومات، والتجربة التي تمتلكها المجموعة مدهشة.
حديث صريح
مؤسِّسات مجموعة “الرضاعة الطبيعية في الأردن” يتحدثن عن تجربتهن مع الرضاعة الطبيعية، وأهمية وجود مجتمع يقدم الدعم للأمهات.
لارا سمعان
أم لطفل
“كنت محظوظة عندما كنت حاملا، إذ تعرفت على مجموعة دعم على الانترنت للرضاعة الطبيعية في لبنان، حيث كنت أقيم حينها، وحضرت ندوة علمت فيها أن حليبي كالسحر لطفلي، وحينها قررت أن أقدم الرضاعة الطبيعية مهما كان الأمر، ولكن عندما أنجبت طفلي لم أتمكن من ذلك بسبب وجود مشكلة التصاق اللسان لدى طفلي، وبعد العلاج كان طفلي يفقد الوزن، ولكنني رفضت تقديم الحليب الصناعي له، وحينها أُجبرت على استخدام واقية للحلمة لمدة سبعة أشهر، وأعترف بالفضل للدعم الذي قدمه لي مستشارو الرضاعة، والأمهات على الفيس بوك، وعائلتي، في تمكني من تجاوز هذه العقبات.
كان عمر طفلي 14 شهرًا حينما انتقلنا إلى عمان، والتقيت بعدها بعدة أشهر، أمهات يقدمن الرضاعة الطبيعية، واستشعرت الحاجة لإيجاد مجموعة دعم في الأردن، فهناك العديد من الأمهات اللواتي لا يترددن في مشاركة تجاربهن الجميلة، والمزعجة فيما يتعلق بالرضاعة الطبيعية، وهذا الدعم المقدم في المجموعة قدم للأمهات الجديدات دفعة للأمام ليحاولن بشكل أكبر، ويستمررن بالرضاعة الطبيعية لفترة أطول، كي يقدمن لأطفالهن المناعة التي يحتاجونها.
برونين سيلز
أم لطفلين
“كان والديَّ يؤمنان بالرضاعة الطبيعية، وقد أرضعتني والدتي لثلاث سنوات، وأرضعت طفلي الأكبر أقل من عامين، وتوقفت حين حملت بابني الثاني، واستمررت بإرضاع طفلي طبيعيًا لأكثر من عامين، وحين انتقلنا إلى الأردن كنت حاملًا بطفلي الثاني، وكنت قلقة من إرضاعه في الأماكن العامة، وكيف سأتمكن من تدبر أمري بوجود طفلين صغيرين.
قدمت لي سيدة تدعى هايدي غانم الكثير من الدعم، والأفكار والتطمينات، و قدم لي لقائي بعدد من الأمهات وحصولي على الدعم منهن فيما يتعلق بالرضاعة الطبيعية، المساعدة للاستقرار في عمان والتمكن من الإرضاع طبيعيًا في الأماكن العامة، ومن خلال المعرفة التراكمية الموجودة في المجموعة تعلمت الكثير عن التحديات التي نواجهها في الرضاعة الطبيعية، والتقنيات والأفكار المتعلقة بها، وهذا كله يساعدني لتقديم الدعم لغيري من الأمهات في المجموعة.
حديث صريح
مؤسِّسات مجموعة “الرضاعة الطبيعية في الأردن” يتحدثن عن تجربتهن مع الرضاعة الطبيعية، وأهمية وجود مجتمع يقدم الدعم للأمهات.
لارا سمعان
أم لطفل
“كنت محظوظة عندما كنت حاملا، إذ تعرفت على مجموعة دعم على الانترنت للرضاعة الطبيعية في لبنان، حيث كنت أقيم حينها، وحضرت ندوة علمت فيها أن حليبي كالسحر لطفلي، وحينها قررت أن أقدم الرضاعة الطبيعية مهما كان الأمر، ولكن عندما أنجبت طفلي لم أتمكن من ذلك بسبب وجود مشكلة التصاق اللسان لدى طفلي، وبعد العلاج كان طفلي يفقد الوزن، ولكنني رفضت تقديم الحليب الصناعي له، وحينها أُجبرت على استخدام واقية للحلمة لمدة سبعة أشهر، وأعترف بالفضل للدعم الذي قدمه لي مستشارو الرضاعة، والأمهات على الفيس بوك، وعائلتي، في تمكني من تجاوز هذه العقبات.
كان عمر طفلي 14 شهرًا حينما انتقلنا إلى عمان، والتقيت بعدها بعدة أشهر، أمهات يقدمن الرضاعة الطبيعية، واستشعرت الحاجة لإيجاد مجموعة دعم في الأردن، فهناك العديد من الأمهات اللواتي لا يترددن في مشاركة تجاربهن الجميلة، والمزعجة فيما يتعلق بالرضاعة الطبيعية، وهذا الدعم المقدم في المجموعة قدم للأمهات الجديدات دفعة للأمام ليحاولن بشكل أكبر، ويستمررن بالرضاعة الطبيعية لفترة أطول، كي يقدمن لأطفالهن المناعة التي يحتاجونها”.
هايدي غانم
أم لثلاثة أطفال
“أحب مساعدة الأمهات، وأحب ما أتلقاه من الدعم منهن، فهذا يدعم ويقوي العائلة بأكملها، وقد كونت صداقات مع عدد من الأمهات الأردنيات من خلال المجموعة، و لم أواجه أي تحديات في الرضاعة الطبيعية، وكانت أمرًا طبيعيًا وعلاجيًا بالنسبة لي، إذ إن إنجاب أطفالي الثلاثة لم يكن ضمن مخططاتي”.
التغلب على تحديات الرضاعة الطبيعية:
آن كوتش تتحدث عن التهابات الصدر
“علمت دائمًا أنني أريد تقديم الرضاعة الطبيعية، فهي ملائمة للأطفال، وتقدم لهم جميع المغذيات التي يحتاجونها، وتدعم جهازهم المناعي، وتقيهم من حساسيات الطعام، وتساعد الأم على فقدان الوزن الذي اكتسبته في أثناء الحمل، والحليب يكون طبيعيًا وغير مصنع والقائمة تطول، وتطول.
لم أكن أعلم كم قد تكون الرضاعة الطبيعية صعبة، فقد ظننت أن الحمل هو الجزء الأصعب، ولم أجد الكثير من المساعدة في المستشفى، وبالرغم من أنني قرأت العديد من الكتب، وزرت العديد من مدونات الرضاعة الطبيعية، والمواقع الالكترونية الخاصة بالأمهات، إلا أنني لم أكن مستعدة لما هو مقبل.
بعد ولادتي بأسبوعين، عانيت التهابات صدر شديدة، وتكررت بعدها بأسبوعين، فتشكل لدي خراج، ووجد الأطباء أنها حصلت بسبب البكتيريا، ووصفوا لي مضادات حيوية تناولتها لمدة شهر.
وأوصاني حينها الأطباء ووالدتي بالتوقف عن الرضاعة الطبيعية، وكان عمر طفلي يبلغ شهرين فقط، فأخبروني أنني قمت بعمل جيد إلى هذا الحد، وإن الطفل بدأ بداية صحية، إلا أنني أصررت على الاستمرار، وبعد أن تمت إزالة الخراج جراحيًا، لم أكن قادرة على إرضاع طفلي من هذا الثدي بسبب وجود البكتيريا التي قد تنتقل إلى الطفل، وقد تُرك الشق الذي أُحدث حول هالة الصدر مفتوحًا، لأنه يجب أن يشفى وحده من الداخل إلى الخارج، ولذلك توجب علي تغيير الضمادات على الجرح مرتين يوميًا، وتم وضع شاش مضاد للالتهابات في الجرح، الذي كان لا بد أن يتم تغييره كل صباح لمدة شهر.
كان الأمر صعبًا علي نفسيًا، وجسديًا، وكان مؤلمًا أيضًا، ولأن الجرح كان مفتوحًا كان الحليب يخرج منه، فكان علي الضغط على الجرح بضمادة في أثناء إرضاع طفلي؛ حتى لا ينسكب عليه الحليب بينما يرضع من الثدي الآخر، وبالرغم من أوامر الأطباء بالتوقف عن الإرضاع، استمررت بذلك، واستمعت لرأي جراح ثدي آخر يعيش في الخارج، الذي نصحني بالاستمرار.
ولحسن الحظ دعمني زوجي في خياري هذا، وأرسلت لي الأمهات في مجموعة “الرضاعة الطبيعية في الأردن” رسائل تشجيع، وروابط من مواقع الكترونية تحكي قصص أمهات خضن التجربة ذاتها، لقد كن حقًا مشجعات وفيات.