كتبت: رانيا السعدي، اختصاصية صحة نفسية وممارسة في البرمجة اللغوية العصبية
طط
الأكل العاطفي هو اللجوء للطعام كوسيلة للتعامل مع تقلباتنا المزاجية بدلًا من تناول الطعام فقط عند الشعور بالجوع والتوقف عند الشعور بالشبع، ويمكن أن يؤثر الأكل العاطفي على الوزن والصحة العام.
طط
محفّزات الأكل العاطفي
عندما نشعر بالحزن أو القلق أو الغضب أو الوحدة أو حتى الملل، فإن هذه الحالات تتحول إلى محفّزات للأكل العاطفي، ولا يرتبط ذلك بالمشاعر السلبيّة فقط، وإنّما يرتبط أيضًا بالمشاعر الإيجابيّة، مثل تناول الحلويات والمأكولات الشهية خلال الاحتفالات والمناسبات السعيدة.
طط
يغفل الكثير عن العلاقة بين الطعام ومشاعرنا، ولكن فهم أصول الأكل العاطفي يساعد على التخلص من هذه العادة السيئة.
طط
كيف تتطور عادة الأكل العاطفي؟
يحتوي دماغ الإنسان على 001 مليار خلية عصبية، ولكل منها شُعبٌ تقوم بنقل الإشارات الكهربائية الكيميائية في كل مرة نفكر أو نشعر بشعور عاطفي أو إحساس جسدي.
طط
عندما ينتقل النبض العصبي عبر نفس سلسلة الخلايا العصبيّة عدة مرات، كما يحدث عندما نكرّر التفكير في فكرةٍ معيّنة أو نتصرف بطريقة معيّنة، فإنّ هذه الخلايا العصبيّة تترابط مع بعضها البعض لتشكّل طريقًا عصبيًّا، ممّا يسمح بتكرار التفكير أو الفعل بسهولةٍ أكبر، ويصبح في النهاية سلوكًا تلقائيًا، وتُعرف هذه المسارات بأنها مسارات عصبيّة أو عادات
طط
يختلط التفكير المتكرّر والتصرفات مع العواطف لتتشكّل وتترسّخ هذه المسارات العصبية خلال طفولتنا؛ فالطفل الذي يحصل على الحلوى بعد إنجازٍ كبيرٍ، قد يكبر وهو يعتمد على الحلوى أو أنواع أخرى من السكريات كمكافأةٍ على العمل الجيّد أو الإنجاز، وقد يتعلم طفلٌ آخر تُقدّم له المثلّجات ليتوقّف عن البكاء، أن يربط المثلجات بالراحة، وعندما كنّا صغارًا، عادةً ما كنّا نربط الأطعمة الغنيّة بالسكر بالسعادة، مثل البسكوت في منزل الجدّة، والكعك في أعياد الميلاد
طط
عند تناول الطعام الذي يحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكريات، مثل الكعك والمثلّجات والبسكوت، يمكن الشعور بـنشوةٍ مؤقتةٍ ترتبط مع ارتفاع نسبة السكر في مجرى الدم، وذلك لأن الجلوكوز يجعلنا سعداء، وإذا حدث ذلك عند شعورنا بالحزن، فإنّنا نلاحظ تحسّنًا مؤقّتًا في المزاج.
طط
قوة العقل الباطن
يخزّن العقل الباطن هذه المعلومات، وفي المرة التالية عندما نشعر فيها بالإحباط، فإنه يقوم بإرسال رسالةٍ إلى الجسم على شكل شهوةٍ لتلك الأنواع من الأطعمة التي ترفع من المعنويات بشكل مؤقت؛ إذًا لدينا سلوك متكرر يقترن بعواطف قوية، وهكذا يولد الأكل العاطفي.
طط
علينا أن نتذكّر أنّ العقل الباطن لا يستطيع التفريق بين الجيّد والسيئ، فهو يعمل بناءً على غريزة البقاء الأساسية، أي شيء يمكن أن «ينقذ حياتنا» فهو جيّد، بغض النظر عن تأثيراته الفعليّة على صحتنا.
طط
ليس من السهل التخلّص من الأنماط التي نشأنا منذ الطفولة عليها؛ حيث إن ذلك يحصل عن طريق استبدال تلك المسارات العصبية، ولكن كبداية، يمكننا تعلّم ما يحدث بالفعل، وأين وكيف تبدأ هذه الأنماط.
طط
إذًا، كيف يمكننا التخلص من هذه الأنماط وبدء دمج عادات الأكل الصحية التي نسعى إليها؟
يمكننا اتّباع بعض النصائح:
1. نبدأ بملاحظة المحفّزات التي تدفعنا للأكل؛ حيث علينا أن نسأل أنفسنا، بماذا نشعر الآن؟ هل أتناول الطعام استجابةً لهذا الشعور أم استجابة للجوع؟
2. تتكوّن العادات الصحية بنفس طريقة العادات السيئة؛ أي من خلال التكرار، كلّما تكرّرت ممارسة سلوك معيّن، كلما تعمّق هذا المسار العصبي في العقل، ممّا يؤدي إلى التخلّص من أي عاداتٍ ضارةٍ قديمة
3. ربط العادة الجديدة بشعور إيجابيٍّ قويٍّ يساعد على ترسيخها بشكلٍ دائم في الوعي؛ لذا، علينا أن نمنح نفسنا الثناء الذي نود سماعه كلما تناولنا وجبةً صحيّة، أو نمنع نفسنا من الإفراط في الأكل، لأنه لا شيء يمنحنا الدافع أكثر من الثناء الذي نوجهه لأنفسنا
4. البدء ببناء العادة الجديدة تدريجيًّا، عن طريق إدراج أنواعٍ جديدةٍ من الطعام، وتناول الطعام فقط استجابةً للجوع، علينا أن نسمح لأنفسنا بارتكاب الأخطاء وبالفشل عدة مرات، إلى أن ننجح في النهاية
طط
يمكنكم التواصل مع رانيا السعدي على raniasaadi75@gmail.com