الأكل العاطفي: حل وهمي

كتبت: سونيا سلفيتي، متابعة الحمية البائسة

قد نمر بالعديد من المشاعر السلبية التي تلحق ضررًا على صحتنا ورفاهيّتنا، مثل الاضطراب والقلق والغضب والخوف، وإن لم نكن حذرين، فقد تعبث هذه المشاعر بسهولة بحالتنا العاطفية، مما يجعلنا نلجأ بسرعة إلى الأطعمة المريحة للتقليل من هذه المشاعر.

تكمن مشكلة الأكل العاطفي في أن الراحة التي يوفرها قصيرة الأمد؛ حيث يعد حلًّا مؤقتًا لا يعالج أيًّ من تلك المشاعر، ومن جهة أخرى فإنّ أضراره على المدى الطويل تكون كبيرة للغاية.

إلا إنه حل مؤقت لا يعالج أيًّا من تلك المشاعر السلبية، له أضرار كبيرة على المدى الطويل، كما أنه يؤدي إلى الدخول في دوامة سلبية تؤثر على صحتنا العقلية وقدرتنا على التفكير بوضوح. الضبابية الذهنية أمر غير محبب، خصوصًا عندما نحتاج إلى العمل بأفضل طاقتنا لتلبية مسؤولياتنا العديدة.

سواءً تقبّلنا ذلك وأحببناه أم لا، فإنّ علينا أن نواجه الحقيقة؛ حيث إنّ لكل لحظة من الإفراط في الأكل العاطفي تكلفة مضاعفة، تؤدي في النهاية لأن نصبح عبئًا على من حولنا عندما نعجز عن رعاية أنفسنا.

الرعاية الذاتية والرفاهية 

عندما لا نتخذ الخطوات اللازمة للعناية بصحتنا ورفاهيتنا، نصبح سريعي الغضب والانفعال، وقد نتعرض أيضًا للاكتئاب. هذه التحديات موجودة بالفعل من حولنا في العالم، فلماذا نرغب في إضافة المزيد من القلق إلى حياتنا؟

لا يمكننا التحكم في أفعال الآخرين أو في الاضطرابات السياسية من حولنا، لكننا بالتأكيد نستطيع التحكم في كيفية استجابتنا. لدينا دائمًا الخيار لنستجيب بطريقة أكثر عقلانية وتفكيرًا، وذلك باستخدام الكلمات التي تعبّر عن مشاعرنا ومشاركتها مع من نثق بهم.

هذا النهج يساعدنا في معالجة مشاعرنا بشكل صحي بدلًا من كبتها وانتظار لحظة انفجارها بشكل غير متوقع. وكلما زادت المفردات التي نستخدمها لوصف مشاعرنا، أصبحنا أفضل في التعبير عن أنفسنا.

عجلة الكلمات

اتضح أن هناك عجلة كاملة من الكلمات للتعبير عن مشاعرنا المتنوعة؛ حيث كنت أعتقد أننا فقط يمكن أن نشعر بالحزن أو الغضب أو السعادة، ولكن هناك كلمات مثل الشعور بالإرهاق أو الاندهاش أو الضعف أو الإحباط أو والارتباك، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.

هذه هي عجلة المشاعر، يمكننا طباعتها ومشاركتها مع العائلة؛ حيث أعتقد أنه من المهم مشاركتها مع أطفالنا بشكل خاص، وذلك لأننا لم نتعلّم هذا النوع من التعبير بشكل جيّد عندما كنا في أعمارهم.

من الضروري أن نكون نموذجًا جيدًا في التعامل مع الصراعات والاضطرابات حتى يكبر أطفالنا وهم يمتلكون هذه القدرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الأمر يتطلّب منا التدريب.

ربما لن نصبح مثاليين في هذا الأمر، لكن يمكننا بالتأكيد أن نتحسن. أوصي باستخدام عبارات معينة نقولها لأنفسنا لتثبيتنا عندما نشعر أن الأمور خارجة عن السيطرة، مثل:“لا يمكنني تغيير هذا، لكن يمكنني اختيار كيفية الاستجابة له”.

وأحيانًا يكون أفضل شيء هو عدم الرد على الإطلاق، وإتاحة الوقت الكافي قبل أن نقرر كيف نرد بطريقة مدروسة وعقلانية، تعتمد على الحكمة والبصيرة بدلًا من أن تكون مدفوعة بالغضب الشديد.

احترام الذات وخيارات الحياة 

يوفر لنا الوقت المقدس فرصة لاتخاذ قرارات أفضل تعزز الحياة وتحترم ذواتنا والآخرين بغض النظر عن الظروف.

من المهم أن نتذكر ضرورة الحذر عند الرد بغضب على وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث إن الغضب يمكن أن ينتشر كالنار، دون أن يحقق أي شيء ذو قيمة.

لا شيء جيد ينجم عن الثرثرة اللفظية، سواءً كانت عبر الإنترنت أو بشكل مباشر. الكلمات التي تُقال لا يمكن استرجاعها، وهي فقط تزيد من التباعد. بدلًا من تغذية غضبنا، دعونا نغذي أرواحنا بأمور عميقة ومدروسة تهدئ قلقنا بدلاً من زيادته.

أرسل للجميع دعوة للصحة والسلام الداخلي والرفاهية على الرغم مما يحصل حولنا من عواصف سياسية واقتصادية مدمرة تحيط بنا. لنجعل نهاية هذا العام فرصة لتجديد العزم على التخلي عن الأفكار التي لا تخدمنا، واستعادة رؤية جديدة ترتكز على مصلحتنا ومصلحة من حولنا.   

يمكنكم التواصل مع سونيا سلفيتي على marsonsher@aol.com

Nakahat Ailiyeh