كتب: إبراهيم منكو،
مدرب مهارات حياتية
واختصاصي علم النفس الإيجابي
هل تتبنّون أسلوبًا تفاؤليًا يساهم في المزيد من النجاح وتعزيز الصحة؟ تعرفنا الكثير من الحكم القديمة قيمة التفاؤل ويتفق معها رواد علم النفس والأطباء والإداريون في وقتنا الحاضر.
تم تسريح عمر وفهد، اللذان يعملان في أقسام مختلفة في الشركة ذاتها، من وظيفتهما وذلك رغبة من الشركة بتقليص حجمها.
اعتبر عمر الخبر أمرًا شخصيًا بالرغم من نظرة الشركة له كموظف منتج وذي ضمير حي. التسريح هو جزء من خطة إعادة الهيكلة للشركة للحد من التكاليف، ولا علاقة له بالأداء الوظيفي لعمر في الشركة. يقضي عمر أيامه وهو يفكر بمدى سوء الموقف بينما يتابع التلفاز ويتناول رقائق البطاطا. يفترض عمر بشكل خاطئ أنه تم تسريحه من عمله بسبب أدائه السيء في العمل وأنه سيكون بدون عمل لفترة طويلة وأن حياته من جميع النواحي ستتأثر سلبًا بذلك.
أما فهد، من جهة أخرى، فيتفهم أن التسريح لا يتعلق بأدائه وأن هنالك احتمالًا بإعادة توظيفه من قبل الشركة نفسها، وهو الشيء الذي يحصل بالعادة عند تقليص حجم الشركة. وبالرغم من هذا، فهو يقدم طلبات توظيف لشركات أخرى ويقضي وقت الفراغ مع أسرته ويعود ليمارس الرياضة كروتينه السابق والذي لم يستطع الحفاظ عليه خلال أيام عمله المليئة بالأشغال. فهو يرى أن هذا التحدي يؤثر فقط على جانب واحد من حياته.
هل يولد البشر بدرجة ثابتة
من التفاؤل؟
يوافق علماء النفس التقليديون على أن البشر يولدون بدرجة ثابتة من التفاؤل، وأن هذه الدرجة لا يمكن تغييرها في سن الرشد. لكن، يوضح عالم النفس الإيجابي مارتن سليجمان، مؤلف كتاب Learned Optimisim، إنّ الذي يميز الأشخاص المتفائلين عن المتشائمين هو طريقتهم بتفسير أحداث حياتهم ومن خلال تغيير الطريقة التي يفسرون بها الأحداث التي يمرون بها، يمكنهم أن يصبحوا أكثر تفاؤلًا.
يمر الجميع بالتحديات والفشل لكن الأشخاص المتفائلين:
1.
لا يأخذون التحديات والفشل بشكل شخصي (فهي لم تحدث بسببهم)
2.
يرون التحديات والفشل كشيء مؤقت (ستستمر لفترة قصيرة من الزمن)
3.
ينظرون للتحديات والفشل كأمور غير سائدة بل تؤثر على جانب محدد من حياتهم)
أما الأشخاص المتشائمين من جهة أخرى، فهم يأخذون التحديات بشكل شخصي ويعتبرونها شيئًا دائمًا.
مر عمر وفهد بالتحدي ذاته لكن أسلوب تفسيرهما للتحدي كان مختلفًا، إذ كان تفسير عمر متشائمًا أما فهد فكان تفسيره يدل على التفاؤل. وهذا يصنع الكثير من الفرق!
الأشخاص المتفائلين أكثر صحة
يميل الأشخاص المتفائلون إلى الاهتمام بشكل أكبر بصحتهم وعادة ما يكونون أكثر مرونة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع التوتر وهم أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة مع الأشخاص المتشائمين. يتمتع الأشخاص المتفائلون بشكل عام بسلامة جسدية ونفسية أفضل وبحياة أطول ويكونون أكثر سعادة مقارنة بالمتشائمين. يتوقع المتفائلون مستقبلًا أفضل لذلك يبذلون جهدًا أكبر في مواجهة التحديات لأنهم يتوقعون أنهم إذا حاولوا مرة أخرى سيكون من المرجح لهم التقدم وهو السبب وراء نجاحهم بشكل أكبر.
لذلك، تشير الدراسات أن القول الإسلامي “تفاءلوا بالخير تجدوه” هو صحيح بالفعل.