كتبت: سارة مهداوي، اختصاصيّة علم النفس السريري
طط
لا يسعني التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية منح صحتنا النفسيّة الأولوية القصوى؛ حيث بمقدورنا أن نشعر بالصحة والسعادة، كما أنّ العناية بصحتنا النفسيّة لا تقل أهمية عن العناية بصحتنا البدنيّة.
طط
إهمال الصحة النفسيّة يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة لأنها تؤثر على كيفية شعورنا وتفكيرنا وتصرفاتنا؛ فكما نعلم جميعًا أنّ عدم اعتنائنا بمحرك السيارة يؤدي إلى عدم عملها بشكلٍ جيّد، والأمر ذاته ينطبق على صحتنا النفسيّة.
طط
التحديات النفسيّة
لعلّ أكبر عقبة تحول بين الأشخاص والبحث عن المساعدة هي الوصمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية؛ حيث يخشى بعضٌ منّا التحديات النفسيّة التي نمرّ بها خوفًا من الأحكام المجتمعية والتمييز، مما يزيد الأمر سوءًا ويؤدي إلى الشعور بالعار والوحدة، فيصبح الهمّ الأكبر هو إخفاء المعاناة بدلًا من مواجهتها.
طط
نحو مجتمع أكثر تقبّلًا
وعلى الرغم من ذلك، فإنّ علينا أن نتذكّر دومًا أنّنا جميعًا، وبدون استثناء، معرّضون للتحديات النفسيّة، وذلك لأنّها لا تميّز بين الناس؛ حيث يمكن أن تؤثر الصحة النفسيّة على أي شخص، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو العرق أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي. نحن بحاجة إلى أن نكون لطفاء مع أنفسنا ومع الآخرين لأنّنا نحارب في معركتنا الخاصة في نهاية المطاف، ومن خلال تقبّل الجميع، فإنّه يمكننا تعزيز مجتمع أكثر شمولًا وتقبلًا؛ حيث لا تعتبر قضايا الصحة النفسيّة من المحرمات.
طط
يمكن علاج الأمراض النفسيّة والتخلّص أو التخفيف منها، كما أنّ طلب المساعدة هو علامة على القوة وليس الضعف، وللأسف، فإنّ تأثير الصحة النفسيّة لا يقتصر على الأفراد فقط، وإنّما يؤثّر على المجتمع ككلّ؛ حيث تقدّر منظمة الصحة العالمية (OHW) أنّ الأمراض العقليّة تمثّل حوالي 51 بالمئة من العبء العالمي للأمراض. ويمكن أن تؤدي التحديات المرتبطة بالصحة النفسيّة إلى سلسلة من التحديات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، مثل انخفاض الإنتاجيّة وزيادة التغيّب في مكان العمل، مما قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية للشركات والاقتصاد العام.
طط
التكلفة المالية
علاوةً على ذلك، يمكن أن تؤدي تحديات الصحة النفسيّة إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحيّة؛ حيث قد يحتاج الأفراد إلى المزيد من العناية الطبية أو الاستشفاء، ويمكن أن تثقل هذه التكاليف كاهل الأسر والمجتمعات، وقد تؤدي أيضًا إلى ارتفاع أقساط التأمين الصحي والضرائب.
طط
بالإضافة إلى ذلك، فإنّه من الممكن أيضًا أن تؤثّر على النسيج الاجتماعي لمجتمعاتنا؛ حيث قد يواجه الأفراد الذين يعانون من حالات نفسيّة غير معالجة صعوبة في الحفاظ على العلاقات أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعيّة، مما قد يؤدي بهم إلى العزلة الاجتماعيّة والشعور بالوحدة، وفي بعض الحالات، قد يتم اللجوء إلى تعاطي المخدرات أو آليات التأقلم غير الصحيّة الأخرى للتعامل مع الأعراض، مما يمكن أن يزيد من تعقيد التحديات النفسيّة ويساهم في تحديات اجتماعيّة أكبر، مثل الإدمان والجريمة.
طط
من خلال زيادة الوعي وتقليل الوصمة المحيطة بالصحة النفسيّة، يمكننا العمل نحو خلق مجتمع يُعطى فيه للصحة النفسيّة نفس مستوى الأهمية الذي تحظى به الصحة الجسديّة، كما يمكننا دعم الأفراد الذين يعانون من قضايا الصحة النفسيّة، وتقديم المساعدة اللازمة في الوصول إلى الموارد والعلاج الذي يحتاجون إليه.
طط
تقديم العناية اللازمة لأنفسنا
يمكننا أيضًا العمل على خلق مجتمعات أكثر دعمًا وشموليّة؛ حيث يشعر كلّ منّا بالراحة في مشاركة المخاوف المرتبطة بالصحة النفسيّة وتلقّي الدعم من الآخرين، ومن خلال القيام بذلك، يمكننا تعزيز مجتمع أكثر صحة وإنتاجيّة؛ حيث يمكن للأفراد الازدهار على الصعيدين الشخصي والمهني.
طط
وتعد الطريقة الأفضل للعناية بالصحة النفسيّة لذواتنا هي العناية بأنفسنا وبالآخرين، وذلك من خلال العمل معًا لإعطاء الأولويّة للصحة النفسية؛ حيث يمكننا خلق مستقبل أكثر إشراقًا لأنفسنا وضمان أن يشعر الجميع بالقوة لطلب المساعدة عندما يحتاجون إليها.
طط
يمكنكم التواصل مع سارة المهداوي على sara_mahdawi@hotmail.com