تجاهل المستقبل.. وصفة للفشل

كتب: الدكتور طارق رشيد، مستشار ومدرب دولي

كيف يبدو المستقبل؟ هل يمكننا التنبؤ به برؤية واضحة؟ يمكن التنبؤ بالمستقبل إلى حد معين من خلال تقنيات وأدوات خاصة من جهة، وبالاستعانة بخبراء التخطيط الاستراتيجي من جهة أخرى. هناك مفهومان أساسيان يجب مراعاتهما: “التنبؤ بالمستقبل”و”استشراف المستقبل”.

التنبؤ بالمستقبل

التنبؤ بالمستقبل يعني التخطيط قصير المدى استنادًا إلى بيانات عمرها 20 – 30 عامًا داخل المؤسسات، ويعتمد هذا الأسلوب على تحليل المخاطر والأزمات السابقة والتفكير الاستراتيجي وتحديد الأهداف المستقبلية القريبة.

استشراف المستقبل

استشراف المستقبل هو التخطيط طويل المدى؛ حيث يعتمد خبراء التخطيط الاستراتيجي على وضع سيناريوهات تستند إلى:

تحديد المخاطر المستقبلية وفقًا لنوع الخدمات أو المنتجات التي تقدمها المؤسسة، ويوصى باستخدام أداة PESTLE التي تشمل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية والقانونية والبيئية للتخطيط، يساعد هذا الخبراء على التنبؤ بأنواع المخاطر التي قد تواجه المؤسسة خلال السنوات العشر القادمة وما بعدها

تحديد العواقب واحتمالية الحدوث؛ حيث يبدأ الخبراء في تقدير النتائج المحتملة لكل نوع من المخاطر التي تم تحديدها في الخطوة السابقة، ويتم تقدير كل نوع من المخاطر المتوقعة وفقًا لاحتمالية الحدوث. الاحتمالية هي جزء من العلوم الرياضية وتمكننا من وضع تقدير منطقي متوقع. التوصية هي أن يكون لدينا خبراء ذي خبرات وملفات تعريفية مهنية مختلفة لتحديد العواقب والاحتمالات الدقيقة، ثم يتم الاتفاق على متوسط تقييمات الخبراء

وضع السيناريوهات، وهي الخطوة الأكثر أهمية في استشراف المستقبل. يتم بناء السيناريوهات عبر أسئلة “ماذا لو؟” ويقوم الخبراء بتحليل جميع النتائج المحتملة لكل خطر باستخدام تقنيات “كيف يمكن؟”، يساعد هذا في وضع سيناريوهات مختلفة لمواجهة كل تهديد محتمل. يوصى بشدة بوضع ثلاثة سيناريوهات في المتوسط لكل نوع من أنواع التهديدات

تصنيف السيناريوهات، حيث يتم تقييم السيناريوهات وفقًا لمعايير محددة تشمل التكلفة والوقت وجودة المخرجات وسهولة التنفيذ وتوفر الموارد والمهارات المطلوبة. يتم توثيق السيناريوهات الأخرى كبدائل في حال واجه السيناريو المختار صعوبات أثناء التنفيذ

هنا، يقوم الخبراء بتقييم السيناريوهات المختلفة وهذا يتطلب معايير محددة، كما يتم توثيق سيناريوهات أخرى كبدائل في حالة مواجهة أفضل سيناريو لمشاكل أثناء التنفيذ. تتضمن معايير الاختيار عدة عوامل مثل التكلفة ووقت التنفيذ وجودة المخرجات وسهولة التنفيذ وتوافر الموارد والمهارات المطلوبة.

عند تصنيف السيناريوهات، هناك عناصر مهمة يجب مراعاتها:

إعداد خطة تنفيذية واضحة لكل سيناريو، تشمل الخطوات الزمنية والموارد المطلوبة لكل خطوة، مع تدريب فرق العمل على التنفيذ الفعلي

إجراء اختبار تجريبي لمواجهة التهديدات الأكثر خطورة، لضمان جاهزيّة الخطط وتحديد أي ثغرات قبل حدوث الأزمة الحقيقية

في عالم مليء بالمخاطر والأزمات والكوارث، يعد التخطيط للمستقبل ضرورة ملحة. عدم التخطيط وفقًا لسيناريوهات استشرافية يعني ببساطة التخطيط للفشل.

يمكنكم التواصل مع الدكتور طارق رشيد على tareq_m35@yahoo.com

Nakahat Ailiyeh