الوقت يمر بسرعة! احجز مكانك اليوم – لا تفوت الفرصة!

ملتقى الصحة والعافية للنساء ليوم واحد – عجلون (10 أيار 2025)

يوم
ساعة
دقيقة
ثانية

توتّر الرجال: الخطر الصامت

كتب: الدكتور سعيد قباعة، كاتب طبي وخبير في الصحة العامة

في عالم اليوم السريع الإيقاع، أصبح التوتر جزءًا لا مفرّ منه من حياتنا اليومية. وعلى الرغم من أفضل نوايانا في التغيير أو تطوير الذات، يبدو أن التوتر دائمًا ما يعيقنا عن أن نصبح النسخة الأفضل من أنفسنا.

ما هو التوتر؟

التوتر هو استجابة بشرية طبيعية يمرّ بها الجميع بطريقة أو بأخرى، وتُطلق سلسلة من الأفكار وردود الأفعال للتعامل مع التحديات والتهديدات في الحياة.

وقد يظهر التوتر بأشكال مختلفة من حيث شدّته ومداه، وله أسباب متعددة. على سبيل المثال، قد يكون التوتر ناتجًا عن اقتراب موعد نهائي في العمل، أو سببه أمر أكثر عمومية مثل توقّعات الحياة أو الأهداف طويلة الأمد.

التوتر وتجربة الرجال اليومية

التوتر يُعدّ تجربة شائعة لدى معظم الرجال، لا سيما في بيئتنا المتغيّرة بسرعة، ورغم أن القضاء التام على التوتر أمر غير واقعي، وأقرب إلى الخيال من الحقيقة، فإننا نستطيع تعديل نمط حياتنا بسهولة للحدّ من تأثيراته على صحتنا وحياتنا، ورغم أن التوتر يُعتبر استجابة طبيعية للمواقف الصعبة وقد يكون مفيدًا أحيانًا، فإن التعرض المطوّل له قد يُلحق ضررًا بالغًا بالصحة الجسدية والنفسية.

ما هي علامات وأعراض التوتر؟

يبدأ التوتر كاستجابة طبيعية تُعرف بـ“القتال أو الهروب”، وهي تُجهّز الجسم للتكيّف مع الضغوط البيئية، وتشكّل جزءًا أساسيًا من بقائنا لأنها تمكّننا من حماية أنفسنا والعمل بفعالية في مواقف محددة، وتشمل الاستجابة قصيرة الأمد للتوتر إفراز هرمونات معيّنة تُعرف باسم “هرمونات التوتر”، أبرزها: الأدرينالين والنورأدرينالين والكورتيزول، وتؤثر هذه الهرمونات على العديد من الأعضاء والأجهزة في الجسم، مثل: القلب والأوعية الدموية والتنفس والدماغ والأعصاب والجهاز الهضمي والعضلات والهرمونات والجهاز المناعي.

نتيجة لذلك، نشعر بعلامات وأعراض مرتبطة عادةً بالتوتر، مثل:

ارتفاع ضغط الدم ومعدّل ضربات القلب

التعرّق

ضيق في التنفس

زيادة في قوة العضلات أو التوتر أو الألم

رجفة أو ارتعاش

الصداع أو الدوخة أو الشعور بالإغماء

الغثيان أو تغيّر في الشهية

زيادة النشاط الذهني أو صعوبة في التركيز

حساسية مفرطة تجاه المؤثرات (مثل الصوت أو الضوء)

العصبية أو تقلّبات المزاج أو التململ أو الشعور بالتوتّر

التوتر واضطرابات الصحة

يرتبط التوتر المزمن لدى الرجال بزيادة خطر الإصابة بعدد من الأمراض المزمنة والاضطرابات، مثل:

ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتات الدماغية

السمنة

داء السكري من النوع الثاني

اضطرابات الجهاز الهضمي، مثل: قرحة المعدة والارتجاع المزمن ومتلازمة القولون العصبي (IBS)

متلازمة التمثيل الغذائي، وهي مزيج من ارتفاع السكر وخلل في الكوليسترول وزيادة محيط الخصر وارتفاع ضغط الدم

أمراض المناعة الذاتية، مثل مرض جريفز والتهاب المفاصل الروماتويدي

الصداع المزمن والصداع النصفي

التهابات الجهاز التنفسي العلوي المتكررة والربو

اضطرابات النوم مثل الأرق

تفاقم في المشاكل الصحية الجسدية أو النفسية السابقة

الميل للانخراط في سلوكيات ضارة مثل: الإفراط في شرب الكحول والتدخين وتعاطي الأدوية أو المخدرات والمقامرة ونوبات الأكل الشره

صعوبات في العلاقات وانخفاض جودة الحياة عمومًا

الشيخوخة المبكرة والموت المبكر

تأثير التوتر على صحة الرجال

عادةً، ما إن يزول التهديد المُتصوَّر تدريجيًا، حتى تختفي أيضًا استجابة التوتر بسرعة، ويعود الجسم إلى حالته الطبيعية، لكن إذا طال التعرّض للتوتر أو تكررت نوباته خلال فترة قصيرة، يدخل الجسم في حالة توتر مستمرة؛ حيث تتحول استجابة التوتر الوقائية إلى أمر ضار بالصحة، وإذا لم يُدار التوتر بشكل صحيح، فقد يؤدي إلى عدة آثار صحية سلبيّة لدى الرجال، وكلما طال أمد التوتر المستمر، زادت احتمالية تأثيره السلبي على الصحة الجسدية والنفسية على المدى الطويل.

الصحة النفسية والعاطفية

قد يؤثر التوتر المطوّل على الصحة النفسية والعاطفية للرجال، مسببًا أعراضًا مثل التهيّج وتقلبات المزاج وصعوبة التركيز.

في الحالات الأكثر حدة، يمكن أن يؤدي إلى القلق والاكتئاب ومشاعر الإرهاق التام، وهي ظواهر أصبحت أكثر شيوعًا في الوقت الحاضر، وللأسف، فإن الرجال غالبًا ما يكونون أقل ميلًا لطلب المساعدة فيما يتعلق بالصحة النفسية، مما يؤدي إلى عدم تشخيص أو علاج العديد من الحالات النفسية.

يُعد “الوصم” المرتبط بالصحة النفسية لدى الرجال من العوامل التي تفاقم المشكلة، وتجعل من الصعب عليهم مشاركة معاناتهم وطلب الدعم عند الحاجة.

التعامل مع التوتر

تجربة التوتر وطريقة التعامل معها تختلف من شخص لآخر، وتعتمد على عوامل متعددة مثل الجينات والشخصية والخلفية الاجتماعية، ورغم أن التوتر قد يبدو أحيانًا كأنه نفق لا نهاية له، إلا أن هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن أن يتبعها الرجل للتقليل من التوتر وآثاره السلبية على الحياة، ومنها:

1. الوعي بالتوتر، ويشمل التعرّف على محفّزاته وأعراضه، ومن المهم جدًا التعامل معه مبكرًا قبل أن يؤدي إلى مشكلات صحية كبيرة

2. تعديلات بسيطة في نمط الحياة، مثل تناول نظام غذائي صحي ومتنوع وممارسة التمارين الرياضية متوسطة الشدة بانتظام والحفاظ على عادات نوم جيدة

3. ممارسة اليقظة الذهنية، بالتركيز على اللحظة الحاضرة دون إصدار أحكام أو التعلّق بالأفكار أو المشاعر، وذلك من خلال التأمل اليومي وتمارين التنفس أو اليوغا

4. الحفاظ على عقليّة إيجابيّة، مع التعبير المنتظم عن مشاعر الامتنان

5. الاهتمام بالذات وتخصيص وقت للنفس عبر ممارسة هواية ممتعة، مثل قراءة كتاب مفضل أو تعلّم مهارة جديدة

6. قضاء الوقت في الطبيعة، والتعرّض للضوء الطبيعي

7. تبني روح الدعابة وتشجيع السعادة، كآلية فعالة للتعامل مع جدّية الحياة اليومية

8.
الانخراط في سلوكيات أو أفعال معينة تجلب إحساسًا بالهدف ومشاعر المساعدة والإنجاز والرضا، ويشمل ذلك التطوع أو الأعمال الخيرية أو حتى تقديم أي نوع من المساعدة لغريب تمامًا

9. الدعم الاجتماعي مهم جدًا في إدارة التوتر، من خلال شبكة دعم من الأصدقاء أو العائلة أو مجموعات المساعدة؛ حيث يمكن مشاركة التجارب وطلب النصائح وتلقّي التشجيع

10. تعزيز التواصل المفتوح، بحيث يتمكن الرجال من مشاركة مشاعرهم وتجاربهم، مما يخفف من الشعور بالعزلة ويقدّم منظورًا مفيدًا في التعامل مع التوتر

11. تحسين مهارات معينة مثل إدارة الوقت وتحديد أولويات المهام والتنظيم، سواءً في العمل أو في المنزل. يساعد هذا في إضفاء المزيد من النظام والهيكلة على يوم الشخص، وبالتالي تقليل المخاطر الإجمالية للإصابة بالإجهاد

12. تقليل السلوكيات التي تثير التوتر، مثل الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي أو متابعة الأخبار باستمرار، خاصة في ظل الأوضاع العالمية الراهنة

13. طلب المساعدة المتخصصة عند الحاجة، أمر أساسي في التعامل مع التوتر والحفاظ على صحة نفسية وجسدية جيدة. سواء من خلال العلاج النفسي أو الاستشارة أو الأدوية، فهناك العديد من الخيارات المتاحة للعلاج

من الضروري أن يُدرك الرجال أن طلب المساعدة هو علامة قوة لا ضعف، وأن إعطاء الأولوية لصحتهم النفسية أمر أساسي لصحتهم العامة وجودة حياتهم.

يمكّن الوعي الذاتي المحسّن من التحكم الذاتي، وهو عنصر أساسي في تقليل آثار التوتر المزمن.

فهم التوتر، والأهم من ذلك، معرفة كيفية التعامل معه، يمكن أن يمكّن الرجل من تجاوزه وإدارته بفعالية، مما يقود إلى تجربة أكثر سعادة وخالية من التوتر.

يمكنكم التواصل مع الدكتور سعيد قباعة على: said.qabbaah@gmail.com

Nakahat Ailiyeh