درعك ضد اضطراب القلق ما بعد الولادة

أحدث المقالات

شارك مع من تحب

كتبت: هند يوسف، اختصاصيّة علم النفس السريري

xx

أن تكوني أمًا جديدة يمكن أن يكون أمرًا مرهقًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ حيث تعاني الأمّهات من ليالٍ بلا نوم وتغيير لا ينتهي للحفاضات، حتى مع مساعدة الأب، وثقل المسؤولية؛ لذا لا عجب أن العديد من الأمهات الجدد يشعرن بالقلق!

xx

القلق ما بعد الولادة
بالنسبة لبعض الأمهات، تتجاوز هذه المشاعر القلق الطبيعي وتصل إلى مستوى اضطراب سريري يُعرف بقلق ما بعد الولادة، ويشمل اضطراب القلق ما بعد الولادة مجموعةً من الحالات مثل اضطراب القلق العام واضطراب الهلع واضطراب الوسواس القهريّ واضطراب ما بعد الصدمة.

xx
ويمكن أن يظهر هذا الاضطراب خلال السنة الأولى بعد الولادة، ويتميز بالقلق المفرط والاضطراب والتهيج والأفكار المزعجة.

xx
ويعتبر اضطراب القلق ما بعد الولادة أكثر شيوعًا مما يعتقد البعض؛ حيث تقدّر الدراسات أنه يصيب حوالي 10% من الأمهات الجدد، مما يجعله قريبًا من معدل انتشار اكتئاب ما بعد الولادة، وعلى الرغم من ذلك، فإنّه غالبًا ما يمر دون ملاحظة؛ حيث تتجنب العديد من النساء طلب العلاج بسبب الشعور بالخجل أو الذنب أو الاعتقاد بأن مخاوفهنّ هي مجرد جزء طبيعي من كونهن أمهات جدد.

xx
الآثار طويلة الأمد
يمكن أن يكون لاضطراب القلق ما بعد الولادة تأثيراتٍ بعيدة المدى، لا تؤثر فقط على الأم، بل تؤثّر أيضًا على صحة طفلها ورفاهية أسرتها، وقد تجد الأمهات المصابات باضطراب القلق صعوبة في الارتباط بأطفالهنّ ويعانين من علاقات متوترة ويواجهن صعوبة في أداء المهام اليومية؛ لذلك، يمكن أن يكون للتعرف على الدور المحتمل للرضاعة الطبيعية في تقليل خطر هذا الاضطراب آثار هامة على الصحة العقليّة للأمهات من جهة، وعلى رفاهية الأسرة بشكل عام من جهة أخرى.

xx
العلاقة بين الرضاعة الطبيعية والصحة النفسية
تُعرف الرضاعة الطبيعية بفوائدها الصحيّة العديدة للأطفال، إلا إنّها تلعب أيضًا دورًا حاسمًا في دعم الصحة النفسيّة للأم؛ حيث تشير الدراسات إلى أن الرضاعة الطبيعيّة ترتبط بمستويات أقل من الاكتئاب والقلق بعد الولادة.

xx
خلال الرضاعة الطبيعية يتم إفراز العديد من الهرمونات مثل الأوكسيتوسين، التي تعزز مشاعر الاسترخاء والتواصل والرفاهيّة العامة لدى معظم النساء، بالإضافة إلى ذلك، يوفر الاتصال الجسدي والقرب من الطفل أثناء الرضاعة تجربة مريحة ومهدئة للأم.

xx
تُظهر الأبحاث وجود علاقة ثابتة بين الرضاعة الطبيعية وانخفاض خطر اضطراب القلق بعد الولادة؛ حيث إنّ الأمهات اللاتي اعتمدن الرضاعة الطبيعية بشكل حصري كانت لديهنّ معدلات أقل بكثير من اضطرابات القلق مقارنة باللواتي استخدمن الحليب الصناعي، ورغم أن الأسباب الدقيقة وراء هذه العلاقة لا تزال قيد الاستكشاف، فإن الأدلة تشير إلى أن الرضاعة الطبيعية تلعب دورًا وقائيًا ضد اضطراب القلق بعد الولادة.

xx
الفوائد الجسدية
بالإضافة إلى الفوائد النفسيّة، تقدم الرضاعة الطبيعية العديد من الفوائد الجسديّة للأمهات، والتي قد تساهم بشكل غير مباشر في تقليل خطر اضطراب القلق بعد الولادة؛ حيث تساعد الرضاعة الطبيعية على تقليص حجم الرحم بسرعة ليعود إلى حجمه قبل الحمل، مما يساهم في التعافي بعد الولادة. كما أنها تحرق السعرات الحرارية، مما يمكن أن يساعد في فقدان الوزن ويعزز ثقة الأم بنفسها.

xx
هذه الفوائد الجسدية، مع الارتباط العاطفي الذي يتشكل من خلال الرضاعة الطبيعية، يمكن أن تخلق دائرة إيجابية تدعم رفاهية الأم.

xx
الأوكسيتوسين والقلق
يُعتبر الأوكسيتوسين، المعروف باسم “هرمون الحب”، أحد العناصر الأساسية في العلاقة بين الرضاعة الطبيعية واضطرابات القلق؛ حيث يتم إفراز الأوكسيتوسين أثناء الرضاعة الطبيعية وقد أظهر تأثيرًا مهدئًا؛ حيث يقلل من مشاعر التوتر والقلق، كما أنّه يعزّز الاسترخاء ويساعد في تعزيز الترابط بين الأم والطفلة أو الطفل، مما يساهم في إحساس بالراحة العاطفية.

xx
استجابة الجسم للتوتر
تؤثر الرضاعة الطبيعية على نظام الاستجابة للتوتر في الجسم، مما قد يوفر حماية ضد تطوّر اضطرابات القلق، وتُظهر الأمهات اللواتي يرضعن رضاعةً طبيعيةً استجابة منخفضة للتوتر، نتيجة لانخفاض مستويات هرمونات التوتر مثل الكورتيزول.

xx
هل تعلمون أن الرضاعة الطبيعية تؤثر على المسارات العصبية البيولوجية المسؤولة عن تنظيم العواطف؟ وهذا يؤدي إلى تحسين النتائج النفسية للأمهات.

xx
الرابطة بين الأم والرضيع
تؤثر اضطرابات القلق بعد الولادة، بما في ذلك القلق واضطرابات الهلع بعد الولادة، على عدد كبير من النساء خلال فترة ما بعد الولادة، ويمكن لهذه الحالات أن تسبب ضيقًا شديدًا، وتعيق القدرة على القيام بالأنشطة اليوميةّ، وتؤثر على العلاقة بين الأم والرضيع.

xx
مع استمرار الاختصاصيّات والاختصاصيين في الرعاية الصحية في استكشاف استراتيجيات للوقاية من اضطرابات الصحة النفسيّة بعد الولادة وإدارتها، يتزايد الاهتمام بدور الرضاعة الطبيعية المحتمل في تقليل مخاطر اضطرابات القلق بعد الولادة.

xx
ويعد أحد المفاتيح لدعم الرضاعة الطبيعية للوقاية من القلق بعد الولادة وإدارته هو التعليم والتوعية، ويتم ذلك من خلال نشر الوعي حول الفوائد العديدة للرضاعة الطبيعية؛ حيث يمكننا تمكين الأمهات والآباء من اتخاذ قرارات أكثر وعيًا، كما أنّ معرفة الدور المحتمل للرضاعة الطبيعية في تقليل مخاطر القلق بعد الولادة يمكن أن يساعد في التقليل من المخاوف وتشجيع المزيد من الأمهات على تجربتها!

xx

يمكنكم التواصل مع هند يوسف على yousefhind92@gmail.com

Nakahat Ailiyeh