كتبت: هند يوسف، اختصاصيّة علم النفس السريري
xx
يوجد حوالي عشرة آلاف من الأطفال واليافعين واليافعات المصابين بالتوحّد في الأردن، وقد ارتفع معدل انتشار اضطراب طيف التوحد في السنوات الأخيرة، وبينما ينصبّ الكثير من الاهتمام على التحديات التي يواجهها الأفراد المصابون بالتوحّد، فمن المهم أيضًا النظر إلى تأثير وجود أطفال مصابين بذلك على الصحة النفسية للأهل.
xx
رحلة تجمع التحدي والمكافأة
يمكن أن يكون لوجود أطفال مصابين بالتوحد تأثير عميق على الصحة النفسية للأهل؛ حيث إنّ ذلك يؤدي في معظم الأحيان إلى تغيير الحياة التي تتطلب الكثير من التكّيف والمرونة في هذه الحالة، وقد يواجه أهالي الأطفال المصابين بالتوحّد مجموعةً من المشاعر، تجمع ما بين الذنب والحزن لتصل إلى الإحباط والإرهاق، إلا إنّ تجربة تربية أطفالكم المصابين بالتوحد يمكن أن تكون مكافأةً مجزية وتشكّل تحديًّا في الوقت نفسه.
xx
يمكن أن يختلف تأثير التوحد على الأهل وفقًا لشدة الحالة وعمر الأطفال، بالنسبة لأهالي الأطفال الصغار المصابين بالتوحّد، يمكن أن يكون التشخيص صعبًا بشكل خاص، وبالتالي فإن الأهالي قد يعانون من مشاعر الذنب أو لوم الذات، ويتساءلون عمّا إذا كانوا قد فعلوا شيئًا خاطئًا أدى إلى هذه الحالة.
xx
يمكن أن يؤثر ضغط رعاية أطفالكم الصّغار المصابين بالتوحد أيضًا على العلاقة ما بين الزوجين، مما يؤدي إلى الشعور بالعزلة أو الضغط، وبالنسبة لأهالي الأطفال الأكبر سنًّا المصابين بالتوحد، فإنّ التأثير قد يكون مختلفًا؛ حيث من الممكن أن يكون لدى الأهل قدر أكبر من الوقت لتقبّل حالة الأطفال وتطوير طرق التكيّف، وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الأهل يواجهون العديد من التحديات الجديدة مع دخول الأطفال سن البلوغ واليافعية.
xx
ومع تزايد استقلال الأطفال، فإنّ القلق لدى الأهل يزداد بشأن سلامتهم ومستقبلهم، كما يواجهون صعوبةً في العثور على الخدمات التي تتناسب مع انتقال الأطفال إلى مرحلة اليافعية.
xx
الأولوية للصحة النفسية
رعاية الأطفال المصابين بالتوحّد، يمكن أن تكون مرهقةً جسديًّا وعاطفيًّا، مما يؤدي إلى الشعور بالإرهاق والضغط؛ لذلك، من المهم جدًا أن يضع الأهل الذين لديهم أطفال مصابين بالتوحد صحتهم النفسية ورفاهيّتهم في أولويّة اهتماماتهم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال:
طلب الدعم من العائلة والأصدقاء
الانخراط في مجموعات الدعم أو العلاج النفسي
ممارسة أنشطة العناية الذاتيّة، مثل الرياضة والتأمل والهوايات
xx
إنّ تأثير وجود أطفال مصابين بالتوحد على الأهل يمكن أن يكون كبيرًا؛ حيث قد تكون هذه رحلة الرعاية مليئةً بالتحديّات والعواطف الجيّاشة؛ حيث يكافح الأهل لتقبّل التشخيص، والتنقّل بين أنظمة الرعاية المعقّدة، وإدارة متطلبات الرعاية المستمرة.
xx
الدعم
من المهم أيضًا أن يتواصل الأهل بشأن احتياجاتهم ومخاوفهم مع اختصاصيي الرعاية الصحيّة لضمان حصولهم على الدعم والموارد التي يحتاجونها، بالإضافة إلى ذلك، تتوفّر موارد لدعم الصحة النفسيّة لأهالي الأطفال المصابين بالتوحّد، بما في ذلك برامج تدريب وتعليم الأمهات والآباء، مثل:
المركز الوطني لصعوبات التعلم التابع لمؤسسة الحسين: طوّر المركز برامج للمساعدة في التواصل والتنشئة الاجتماعية وتعليم الأطفال المصابين بالتوحّد
برنامج تحليل السلوك التطبيقي: يقدّم علاجًا فرديًّا للأطفال المصابين بالتوحّد
مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية: تقدّم برنامجًا للأطفال المصابين بالتوحّد
xx
ما هو التوحّد؟
التوحّد اضطراب نمائي عصبي ناتج عن اختلافات في الدماغ تؤثّر على التواصل والتفاعل الاجتماعي والسلوك، ولتشخيص اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال، فإنّه يجب أن يظهر على الأطفال اثنين على الأقل من الأعراض الأربعة التالية:
1. حركات نمطيّة مفرطة ومتكررة، واستخدام مفرط للأشياء، وتكرار الكلام
2. ميل شديد للروتين الثابت والسلوكيّات النمطيّة
3. اهتمام مكثّف بشكل غير طبيعي بموضوع معيّن، أو اهتمام ملحوظ بتركيز أعلى من الطبيعي
4. فرط الحساسيّة أو قلة الحساسية للمحفّزات الحسية
xx
مع توفّر الدعم والموارد المناسبة، يمكن للأهل تعلّم التأقلم والنجاح في هذه المهمّة ذات التحديات، وإيجاد طرق لإدارة احتياجات الأطفال مع الاستمرار في رعاية الذات والعائلة، وعلى الرغم من ذلك كله، يجد العديد من أهل الأطفال المصابين بالتوحّد فرحةً كبيرةً وتحقيقًا ذاتيًّا في دورهم بالرعاية، ويشعرون بالامتنان للقدرات والمهارات الفريدة التي يضفيها الأطفال على الحياة.
xx
يمكنكم التواصل مع هند يوسف على yousefhind92@gmail.com