تربية أبناء غير عدوانيين جنسيًا

أحدث المقالات

شارك مع من تحب

كتبت: لورا حداد

كتبنا في الشهر الماضي في الجزء الأول من سلسلة تربية الأولاد، والتي تناقشنا فيها مع بعض التربويين والناشطين والأهل الذين استضافتهم المرجع للمطبوعات. في هذا الجزء، سنلقي الضوء على دور الأهل في منع العنف والإساءة الجنسية والوقاية منها.

 

يقول الخبراء أن الجميع، بما فيهم الفتيان والفتيات اليافعين، يحتاجون إلى معرفة كل المعلومات المتعلقة بأعضائهم التناسلية، إذ يساهم هذا الأمر في حمايتهم من التعرض للإساءة الجنسية والاستغلال الجنسي، ولمساعدتهم على اتخاذ القرارات المدروسة المتعلقة بأجسادهم وبحياتهم.

تحث ويندي ميرديان، والتي أمضت 25 عامًا تعمل كمرشدة لضحايا الإساءة الجنسية في الأردن، الأهل على استخدام أسماء مناسبة للإشارة إلى الأعضاء التناسلية بدلًا من استخدام تعابير ثانية غير صحيحة. وتحثهم أيضًا على عدم الإشارة لهذه الأعضاء بطريقة سلبية مثل كلمة “عيبو”. “ إن جسمنا هو نعمة رائعة من الله، ولا يوجد أي جزء فيه مخزي أو مخجل”، تقول ويندي.

يشدد الخبراء أن الأطفال الذين يتحدثون عن أجسامهم بكل ثقة وراحة يكونون أكثر صراحة في التحدث والإفصاح  عن أي حدث مقلق أو مزعج حصل معهم. تثبت الأبحاث والدراسات أن الأطفال الذين يملكون معرفة أكبر عن أجسادهم ولديهم ثقافة جنسية جيدة من خلال أهلهم، يكونون أقل عرضة لأن يكونوا مسيئين جنسيًا أو التعرض للإساءة الجنسية مقارنة بالأطفال الأقل معرفة في هذه الأمور.

تعلم لانا زنانيري جيدًا، وهي رئيسة سابقة لوحدة الجندرة في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية – أرض ، تعلم جيدًا مدى انتشار الإساءة الجنسية للأطفال في مختلف مجتمعات الأردن الدينية والعرقية ومختلف الطبقات الاجتماعية. تشير زنانيري إلى أنه من الشائع كثيرًا للفتيات اللواتي تعرضن للإساءة الجنسية من قبل أحد أفراد أسرتهن، أن يجبرن على الخضوع لعملية ترميم غشاء البكارة ليكونوا “قابلات للزواج”. تقول زنانيري كانت أمهات هؤلاء الفتيات على علم دائم بما يحصل مع بناتهم، إلا أنهم قرروا عدم التدخل والبقاء على صمتهن.

تؤكد الدكتورة وفاء خضرا، وهي ناشطة في حقوق المرأة لأكثر من 21 عامًا، أن وصمة العار المرتبطة بالإساءة الجنسية تبقي الضحايا وأسرهم من محاولة محاسبة الجناة. مع ذلك. “من مهامنا كأهل حماية أطفالنا”، تقول نرمين مراد، اختصاصية في شؤون الجندرة وكاتبة في جريدة جوردن تايمز .

من المؤكد أيضًا أن الأفلام ومقاطع فيديوهات الأغاني لها دور أيضًا في هذا الموضوع، إذ من خلالها يظن الفتيان أنه من المقبول إجبار المرأة أو حملها على فعل شيء بالإكراه. “الإجبار والإكراه والاستغلال هي أمور لا يجب أن توجد في أي علاقة، بما في ذلك الزواج”، تقول زنانيري. “علينا التحدث بأسلوب واضح مع أطفالنا حول المشاهد التي يشاهدونها أو كلمات الأغاني التي يستمعون إليها من دون توبيخهم” تقول رولا حمدان ، وهي أم لابنتين.

تعليم أطفالنا على “الرضا”

من أهم العناصر التي تركز عليها اختصاصية الطفولة والإرشاد الوالدي سيرسا قورشة في عملها في الصحة والتنمية والجنسية، هو الطرق التي تمكن الأطفال من حماية أنفسهم من العنف والإساءة الجنسية وإدراكهم  أن الرضا هو أحد هذه الطرق. تؤكد سيرسا أنه “يجب على الأطفال أن يعلموا من سن مبكر أن الرضا هو أمر هام”.

تقول التربوية جمانا سابيلا، وهي أم لثلاث أبناء، أن المشكلة هي أننا “ نعلّم أطفالنا على الرضوخ لنا ولمطالبنا، وهذا يجعلهم يشعرون بالخجل أو عدم القدرة على قول“لا”، خاصةً إذا تم إستغلالهم من قبل الأقرباء أو أشخاص يعرفونهم”. تضيف سابيلا:“يخاف الأطفال من أن ينظر إليهم بنظرة دونية، كما يتحملون الكثير من الضغط وخاصة الفتيان ليتصرفوا كرجال ويدافعوا عن أنفسهم. لذا ينشأ لديهم شعور بالخجل والخزي من الإبلاغ عن أي إساءة”.

ينصح المشاركون الأهل على عدم تربية أطفال خاضعين، لأن هذا قد يجعلهم يرضخون لمطالب الأشخاص الآخرين في المواقف الخطرة ويساهم في عدم معرفتهم كيفية الدفاع عن أنفسهم. تشير قورشة إلى عبارة شائعة يستخدمها الأهل مع أطفالهم وهي “بدك ترد”. نحن نتوقع دائمًا من أطفالنا أن يطيعوننا.

ربت ميرديان أطفالها الأربعة على أنه لهم الحق في قول “لا”وعدم قبول التعرض للدغدغة إذا لم يريدوا ذلك، وينطبق ذات الشيء على العناق. يطلب الكثير من الأهالي المحبين وبكل حسن نية من أطفالهم أن يعانقوا الأصدقاء أو الأقارب دون الأخذ بعين الاعتبار ما إذا كانت هذه رغبة أطفالهم أيضًا وهذا التصرف يبين للأطفال أن الرضا هو أمر غير هام.

“هل ما نريده حقاً هو تعليم أطفالنا أن يستوعبوا مطالب الآخرين على حساب إهمال مطالبهم وحقوقهم في الشعور بالأمان؟” تتساءل حمدان متعجبة. في مرحلة ما، قد يجعل هذا الأمر أطفالنا غير مدركين لحقوقهم في حال كان هناك أشكال أخرى من الاتصال بما فيه الجنسي.

يحث الخبراء الأهل على تعليم أطفالهم عن طريق اللعب مع الآخرين على وجود “حدود ومسافات” بينهم وبين الآخرين والانتباه إلى لغة الجسد عند الآخرين لتعزيز فهم مفهوم الرضا. مثال على لغة الجسد هو عندما يقوم الأطفال بالرجوع للخلف عدة خطوات لحماية مساحتهم الخاصة أو تحركهم الخفيف بعيدًا عن الأشخاص الذين يجلسون بالقرب جدًا منهم.

تقول قورشة يمكننا تشجيع الأطفال على التالي:

الانتباه إلى حركات الآخرين فيما يتعلق بالمساحات الشخصية من خلال ملاحظة لغة الجسد لديهم

التحدث والتعبير عن رأيهم في حال شعروا أنه هنالك أمر غير مريح

الاستئذان من الناس وطلب رضاهم مثل إستئذان الأشخاص قبل معانقتهم

احترام والتقيد بكلمة “لا” و“توقف”

تنصح قورشة الأهل البدء منذ مرحلة اليافعية المبكرة لأطفالهم بالتحدث والشرح عن “ما هي العلاقة الصحية والقائمة على الإحترام”. تشدد كاريمان منكو، وهي معلمة في المرحلة الثانوية، على أهمية أن يكون الأهل قدوة حسنة لأطفالهم فيما يتعلق  بالعلاقات الصحية، وتضيف:“ إذا كان أباء الفتيان يتعاملون بكل محبة في المنزل، فمن المرجح أن يكبر هؤلاء الفتيان ليصبحوا محبين أيضًا في التعامل”.

 

للمزيد من القراءة

Let’s Talk About Body Boundaries, Consent And Respect (2017)

للكاتبة جينين ساندرز

يعلّم هذا الكتاب الأطفال الصغار على المساحة الشخصية باستخدام سيناريوهات مألوفة للأطفال لكي يشاركوا ويتناقشوا بها

I Said No (2016)

للكاتبين زاك وكمبرلي كينغ

كتاب مكتوب من وجهة نظر طفل استنادًا لتجربة واقعية له مع صديقه. يعد هذا الكتاب دليل بسيط وعملي لكيفية المحافظة على خصوصية المناطق الحساسة

My Body! What I Say Goes! (2016) لجينين ساندرز

يشرح هذا الكتاب للأطفال معنى سلامة أجزاء الجسم الخاصة والمشاعر واللمسة الآمنة وغير الآمنة والمناطق الحساسة والأسرار والمفاجأت والرضا والقبول والعلاقات القائمة على الاحترام

Nakahat Ailiyeh