كتبت: رانية السعدي، اختصاصية صحة نفسية وممارسة في البرمجة اللغوية العصبية
على الرغم من كون الأساليب التقليديّة مثل الأدوية والعلاج السلوكي مفيدة، إلا إنّ اتباع نهج أكثر شموليّة لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) يشمل مختلف جوانب الحياة، يمكن أن يعزز من إنجازات أطفالكم المصابين بهذا الاضطراب.
ما هو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)؟
يعرف بأنّه اضطراب في النمو العصبي يؤثر على الأطفال والبالغين على حد سواء، ويعرقل قدرتهم على التركيز والتحكم في الانفعالات والحفاظ على الانتباه.
من بين الأعراض المعروفة لاضطراب DHDA اختلال التركيز والانتباه وإدارة الوقت، بالإضافة إلى فرط النشاط والتحدث بشكل مفرط والحركة الزائدة.
ما لا يعرفه معظمنا هو أن الأطفال المصابين بـ DHDA يعانون أيضًا من:
القلق الاجتماعي
قلق الأداء
انخفاض احترام الذات
قلة الثقة
انعدام الدافعيّة
الاكتئاب
تبدأ المشكلة مع أطفالكم الذين لا يمكنهم التركيز في الفصل الدراسي، أو الاستجابة بسرعة مثل زملائهم، أو حتى تحقيق درجات مناسبة. وعادةً ما يتم مقارنتهم بالآخرين، كما قد يتم التقليل من شأنهم من قبل الأهل والكادر التدريسي زميلات وزملاء الفصل، دون حتى معرفة وجود مشكلة في النمو.
انعدام الدافعية
نتيجة لما سبق، يعتقد الأطفال المصابون باضطراب DHDA أنهم ليسوا جيدين بما فيه الكفاية، وأنهم مختلفون، وأنه لا يوجد شيء يمكنهم فعله حيال ذلك، هذا الاعتقاد يجعلهم يشعرون أنه مهما بذلوا من جهد، فإنه لن يكون كافيًا؛ لذا قد يقررون التوقف عن المحاولة.
وهكذا، يولد انعدام الدافعيّة، مما يؤدي في النهاية إلى شعور الأطفال المصابين باضطراب DHDA بالاكتئاب والقلق والتوتر المستمر، بالإضافة إلى فقدان الثقة بقدراتهم وإمكاناتهم.
وعندما يتفاقم القلق، يزداد انعدام التركيز والانتباه الموجود مسبقًا، مما يؤثر على الأداء في المدرسة ويؤدي إلى تدهور تقدير الذات، مما يجعل أعراض اضطراب DHDA أكثر وضوحًا.
وصفة بسيطة
يعزّز تقليل التوتر والقلق لدى الأطفال المصابين باضطراب DHDA من تركيزهم وثقتهم ودافعيتهم، مما يؤدي إلى تحقيق إنجازات أفضل سواء كانت أكاديمية أو رياضية أو حتى اجتماعية.
ومن المهم أن ندرك أن تعزيز تقدير الذات والثقة بالنفس يساهمان في مكافحة القلق، مما يعني أن أسهل طريقة لتقليل القلق لدى أطفالنا هي تعزيز تقديرهم لذاتهم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الثناء المستمر عليهم وإعطائهم تعليقات إيجابية كلما كان ذلك ضروريًّا، وخاصة عندما يرتكبون خطأً.
سندوتش التعليقات الإيجابيّة
تعد واحدة من الأدوات الفعّالة لتقديم التعليقات دون التقليل من شأن الأطفال أو إحباطهم، وهي تشمل:
الاعتراف بالأمور الجيّدة: وذلك من خلال التركيز على ما فعلوه والجهد المبذول وما تم تقديره
ما يمكن تحسينه في المرة القادمة: من دون الحديث عن السلبيّات، فإنّه يجب توجيه انتباههم إلى ما يريدون تحقيقه بدلًا من التركيز على ما لا يريدون القيام به
بشكل عام، كان الأمر رائعًا: مُلخص لما سار بشكل جيد، وإنهاء الحوار بالتركيز على الإيجابيّات
وتمتاز هذه الأداة بقدرتها على تعليم الطفل مهارات حل المشكلات، بالإضافة إلى تعزيز مرونتهم؛ حيث إنّ التركيز على الحل بدلًا من المشكلة يزيد الثقة في قدراتهم على تجاوز التحديات.
معتقداتنا
من المهم أن نلاحظ أن المعتقدات التي يكوّنها أطفالنا عن أنفسهم هي في الغالب انعكاس للمعتقدات التي نكوّنها نحن كأهل في الدرجة الأولى أو كمعلّمات ومعلّمين عنهم، ويمتلك الأهل تأثيرًا كبيرًا؛ لذا فإنّ علينا اختيار معتقداتنا حول أطفالنا بعناية فائقة، وذلك لأنها تتجسّد فيهم، ولنتذكّر العبارة “ما يفكر به المفكر، يثبته المجرّب”.
ومن الأمور التي لا يعرفها معظم الأهل، هو أنّ معتقداتنا حول أطفالنا تظهر من خلال لغة الجسد والسلوك والإشارات غير اللفظيّة الأخرى الصادرة منّا، ومن دون أن نقول أيّ كلمة، وبالتالي فإنّه يمكن لأطفالنا التقاط هذه المعتقدات عن أنفسهم وتصديقها.
وتتمثّل عمليّة التفكير لدى أطفالنا في الآتي:”إذا كان أهلي يعتقدون أنني غبي، فلا بد أن هذا صحيح. إذا كانا يعتقدان أنني كسول، إذن هذا صحيح!”
الأداء وتقدير الذات
ونتيجةً لذلك يصبح أداء الأطفال انعكاسًا لهذا الاعتقاد عن أنفسهم، وليس العكس، وبالتالي يجب تدريب أنفسنا كأهل على الابتعاد عن الحكم ووضع المسميّات هو الخطوة الأولى في مساعدة أطفالنا على النجاح والإيمان بأنفسهم.
احترام الذات هو الطريق إلى النجاح؛ حيث إنّه يقلل من القلق الاجتماعي والأكاديمي، ويزيد من التركيز والدافعيّة، وعندما يتم تحقيق هذه الأمور، ويستعيد الأطفال المصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة ثقتهم في قدراتهم على التغلب على العقبات، يصبح الباقي جزءًا من التاريخ!
يمكنكم التواصل مع رانيا السعدي على raniasaadi75@gmail.com