لنُحرّر طاقتنا الأُنثويّة!

أحدث المقالات

شارك مع من تحب

كتبت: زورايا بيرنال، اختصاصية تغذية علاجية
شاملة وممرّضة قانونية

xx

تشير العادات والتقاليد القديمة إلى أن ما يجعل منا ذكورًا وإناثًا في الحقيقة هو طبيعة الطاقة التي نولد بها، ذكورية كانت أم أنثوية، وإذا توزان هذان النوعين من الطاقة في حياتنا، فهذا يعني تمتعنا بصحة أفضل.

xx

ربما سمع أغلبنا عن الفلسفة الصينية القديمة المسماة باليِن واليانغ، “yin and yang” وكيف ترتبط هاتين القوتين المتضادتين في العالم الطبيعي. ومن ناحية الدلالة، تمثل قوة الين “Yin” الصفات الأنثوية مثل النعومة والحدس والتفكير الداخلي والعطف والرعاية والإبداع والعاطفة والمودة. في المقابل، تُمثل قوة اليانغ “Yang” الصفات الذكورية مثل الخشونة والعدوانية والقوة والقيادة والعقلانية والإنتاج.

xx
وهناك ثقافة سائدة في أغلب المجتمعات حول العالم بضرورة قيام النساء بأدوارهنّ كما يفعل الرجال في بيئات تنافسية مختلفة، لا سيما على الصعيد المؤسّسي. وعلى الرغم من أن مطالبة النساء العاملات بحق المساواة بين الجنسين في مكان العمل كان إنجازًا جيدًا لغالبية النسوة، إلاّ أن ذلك قد تسبّب أيضًا في زيادة الضغط والعبء النفسي والجسدي على النساء اللاتي يعتنين بعائلاتهنّ أو بأحد أفراد الأسرة المرضى أو يقمن على رعاية أطفالهنّ.

xx

علاوة على ذلك، فأغلب المجتمعات قائمة على الطاقة الذكورية، والتي تُشجعنا نحن النساء على القيام بأدوار عديدة، وتقديم المزيد من كل شيء إلى جانب سعينا لحقيق أهدافنا أيضًا، وهذا ما يدفعنا للعمل باستمرار دون كلل أو ملل، معتقدين أننا نحتاج دائمًا إلى البقاء مشغولين والقيام بعمل ما. في الواقع، إن العقلية والتوقعات التي يرسمها لنا المجتمع بحيث نكون “دائمات الانشغال” وعلى استعداد لتقديم المزيد على الدوام، قد أثرت سلبًا على صحة المرأة، حيث بات أغلبنا يشعر بالإرهاق والاستنزاف المعنوي والنفسي وعدم الرضا وعدم توازن الطاقة الأنثوية وهذا يرجع إلى عدم وجود وقت كاف ٍللاهتمام بأنفسنا.

xx

ولا يكفّ المجتمع عن إثقال كاهل المرأة بالمزيد والمزيد من الضغوطات والتحديات، فهي مطالبة بأن تبدو أصغر سناً وأن تتمتع بجسم مثالي وأن يكون لديها حياة مهنية ناجحة وعائلة سعيدة. إن هذا التركيز المبالغ فيه على المظهر الخارجي والوضع الاجتماعي والممتلكات المادية قد أجبر النساء على العيش تحت ضغط مستمر واكتساب عادات حياتية غير صحية، وبالتالي إصابة بعض النساء بالعديد من الأمراض النفسية، مثل القلق واضطرابات الأكل والاكتئاب والأرق ومتلازمة التمثيل الغذائي مثل السمنة ومقاومة الأنسولين وأمراض القلب ومرض السكري. بالإضافة إلى ذلك، تُعاني النساء في سنّ الإنجاب من مشاكل صحية تُؤثر سلبًا على معدل الخصوبة، أو الإصابة متلازمة تكيس المبيض (PCOS)، وفقدان الشهية، ومتلازمة ما قبل الحيض على سبيل المثال لا الحصر.

xx

وبصفتي اختصاصية تغذية شاملة وممرضة قانونية، فأرى أن هذه من الأعراض الشائعة التي تُعاني منها معظم المريضات بسبب الإجهاد والتوتر وعيْش حياة غير مُرضية ناتجة عن زيادة في طاقتهن الذكورية. فالشعور بالسعادة والحفاظ على الصحة أساسه التوازن بين الطاقات الأنثوية والذكورية، حيث تتمحور الطاقة الأنثوية حول “أن نكون حاضرين للمساعدة” بدلاً من “أخذ مسؤولية القيام بالأمور على عاتقنا”، وبالتالي إعطاء أنفسنا قسطًا من الراحة، والتواصل مع أجسامنا، وتلبية احتياجاتنا أولاً، بالإضافة إلى اتباع حميات صحية متوازنة، وممارسة التمارين الرياضية، والتواصل مع الأرض وتأمل الطبيعة من حولنا.

xx

أطعمة تُعزّز طاقتنا الأنثويّة
يمتاز حليب البقر العضوي بفوائده العديدة في تحسين النسل ورفع معدلات الخصوبة، ولتحسين مذاقه، يمكننا إضافة بعض التوابل إليه، مثل القرفة والزعفران أو جوزة الطيب والعسل، وشُربه دافئًا في ساعات الصباح أو المساء. وتكمن فائدة هذا المشروب في تجديد طاقتنا الأنثويّة، لا سيما عند شعورنا بالتعب والإرهاق في نهاية اليوم. لكن في حال كنتم تعانون من حساسية اللاكتوز أو أي حساسية أخرى تجاه منتجات الألبان، فيمكنكم شُرب حليب نباتي مثل جوز الهند أو اللوز للحصول على النتيجة ذاتها السّمن أيّ الزبدة المصفّاة، يُعتبر السمن مصدرًا غنيًا بالعناصر الغذائية، فضلًا عن دوره في تعزيز طاقتنا الأنثوية كوْنه يحتوي في تركيبته على حمض الزبدة ومجموعة من الفيتامينات التي تذوب في الدهون مثل A و D و E و K. إذ تُحافظ هذه العناصر الغذائية على صحة جدار الأمعاء عن طريق امتصاص مكونات الغذاء بشكل أفضل، وزيادة كثافة العظام، وتحسين المناعة، وتعزيز البصر، والحفاظ على الوزن، وكذلك الحفاظ على ليونة الجلد ومرونة المفاصل. علاوة على ذلك، تُساهم هذه العناصر الغذائية في رفع مستويات الطاقة في الجسم والتخلص من السموم. ويمكنكم تحضير السمن في المنزل أو شرائه من محلات البقالة، وللسّمن مذاق يُشبه البندق ويمكن استخدامه كبديل للزبدة أو الزيت النباتي سواءً في خَبز الطعام أو القلي

xx

منتجات النحل، مثل العسل وحبوب لقاح النحل، ويُشبه العسل في تركيبته حليب الأم، فكلاهما يتم الحصول عليهما من الأم، وهي مصدر الحُبّ والحنان. ومن حيث الفائدة، تحتوي منتجات العسل على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، وهي عبارة عن جزيئات تُقاوم الجذيرات الحرة (Free Radicals) للحدّ من الشيخوخة المبكرة، وتُساعد أيضًا في تعزيز جهاز المناعة، خاصةً عند الإصابة بالحمّى والإنفلونزا أو عند الشعور بالتعب والإرهاق بعد يوم طويل

xx
أمثلة على أعشاب تُعزز الطاقة الأنثوية
1. يعمل الزنجبيل على تنشيط عملية الهضم ويُحسّن عملية الاستقلاب وتنظيم الهرمونات الأنثوية، بالإضافة إلى دوره في تخليص الجسم من السموم خاصة أثناء الدورة الشهرية أو عند الشعور بالإرهاق وفي حالات سوء التغذية
2. نبات القرّاص: هو عشبة تمتاز باحتوائها على العديد من العناصر الغذائية وغنيّة بفيتامين A وفيتامين B وحمض الفوليك والأحماض الأمينية والمعادن مثل الكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والفوسفور والبوتاسيوم. وتُنصح جميع النساء بشراء أو زراعة هذه العشبة وتناولها كمشروب شاي لتزويد الجسم بالفيتامينات والعناصر الغذائية اللازمة
3. شاي الأعشاب مثل البابونج والخزامى والداميانا (Damiana) حيث تتميز هذه الأعشاب بأنّ لها تأثيرًا مهدّئًا على الجهاز العصبي بالإضافة إلى تنظيم مستويات هرمون الكورتيزول المعرف باسم هرمون التوتر
4. تعمل بتلات وثمار الورد أيضًا على تعزيز الطاقة الأنثوية، فهي ليست مجرد رمز للجمال والصحة، بل تعد غنية بمضادات الأكسدة المقاومة للشيخوخة، فضلًا عن دورها في تقوية جهاز المناعة وبالتالي مقاومة الأمراض، مثل فيتامين C والكاتشين والكيرسيتين، وهي مركبات تساعد في مكافحة الالتهابات في الجسم. علاوة على ذلك، يلعب فيتامين C دورًا حيويًا في إنتاج الكولاجين وتعزيز المناعة، والتي غالبًا ما تنضبّ عند النساء اللائي يتعرضن لضغط مستمر

xx

لندلل أنفسنا بتناول كوب من مشروب ثمر الورد الذي يعمل على تهدئة العقل والجسم ويُجدّد طاقتنا الأنثوية!
مشروب ثمر الورد
المقادير
1 ملعقة صغيرة من بودرة ثمر الورد
قطرة من خلاصة الفانيليا حسب الرغبة
1 كوب من حليب الشوفان المبخّر، حيث يتم تسخينه باستخدام آلة تبخير الحليب أو في قدر على نار متوسطة. يمكنكم أيضًا استخدام الحليب من اختياركم مثل حليب بقري الخالي من اللاكتوز من شركة جذور للأغذية العضوية
1 – 2 ملعقة صغيرة قطر القيقب أو شراب الصبّار المركّز
1/3 كوب بتلات ورد صالحة للأكل للتزيين

xx

طريقة التحضير
1. في قدر، نُسخّن الحليب ونضيف بودرة ثمر الورد والفانيليا
2. نسكب حليب الشوفان المبخر أو الحليب الخالي من اللاكتوز أو حليب اللوز في الكوب ببطء
3. نُضيف القليل من قطر القيقب أو شراب الصّبار حسب الرغبة لنكهة حلوة المذاق
4. نُزيّن هذا المشروب ببتلات الورد الصالحة للأكل وصحتين وعافية!

xx

خطوات لتجديد الطاقة الأنثوية بداخلنا
إلى جانب اتباع الحميات الغذائية المتوازنة، علينا أيضًا اتباع الخطوات والطقوس التالية لإعادة الاتصال بطاقة الين “Yin” التي تمثل الجانب الأنثوي بداخلنا:
1. إعادة الاتصال بالأرض عن طريق ممارسة رياضة المشي في الطبيعة بقدمين عاريتين للتخلص من الشحنات والطاقة السلبية وبالتالي الشعور بالحيوية والنشاط. لنتأمل في هذا الكوْن وجمال الطبيعة وبساطتها كطريقة لإعادة التواصل مع ذواتنا وبالتالي الشعور بالهدوء والسلام الداخلي
2. تخصيص بعض الوقت لأنفسنا وممارسة الرعاية الذاتية والقيام بأنشطة قبل موعد النوم مثل كتابة اليوميات لرفع مستوى الوعي الذاتي وبالتالي تنمية مهارة الحدس لدينا. ودعونا أيضًا ندلّل أنفسنا بأخذ حمّام ساخن للاسترخاء وتحفيز حواسنا وتعزيز شعورنا بالرضا تجاه أنفسنا، أو القيام بتدليك أجسامنا بالزيوت العطرية الطبية، أو إضاءة شمعة والاستمتاع بكوبٍ من الشاي الخالي من الكافيين
3. ممارسة التمارين الرياضية باستمرار، إذ تساعد الرياضة على تقوية عضلات الجسم وتحسين المزاج. علاوة على ذلك، هناك أنواع مختلفة من تمارين اليوغا والتي نستطيع من خلالها التواصل مع قلوبنا وأرواحنا وطاقتنا الأنثوية على مستوى أعمق كوْنها تبعث على الشعور بالاسترخاء والسلام الداخلي. كما ستُساعدنا التمارين الرياضية على التواصل مع أجسادنا وتحسين الصورة الذاتية لأنفسنا بغض النظر عن نوع الرياضة التي نُفضّلها
4. تُساهم تمارين التنفس ورياضة التأمل في التقليل من مستويات التوتر وتُعزّز وجود حالة تناغم مع أجسامنا حتى نتمكن من الاستماع إلى ما تحتاجه. ومن أنواع تمارين التنفس المفضلة لديّ هي تمارين التنفس الأنفي البديل، إذ تُساعد هذه التمارين على تعزيز أداء نصفيّ الدماغ للإناث والذكور على حد سواء، لتبعث على الشعور الاسترخاء والتوازن الداخلي في الجسم. يمكننا البدء بتمارين التنفس الأنفي البديل لمدة خمس دقائق ثم تمديد الجلسة التالية لمدة تصل إلى 10 دقائق ثم إلى 15 دقيقة يوميًا لتعزيز الصحة العامة للجسم

xx

إنّ الخطوة الأولى لتحقيق التوازن الداخلي والاهتمام بصحتنا النفسية على أفضل وجه هي الاستماع إلى ما تحتاجه أجسامنا، والتواصل مع الجانب الأنثوي لتحرير طاقاتنا الكامنة التي لطالما تم تجاهلها على مر الأيام. وعلينا ألا نهمل تغذية أرواحنا وأجسامنا وأدمغتنا حتى نُحقق ذواتنا ونشعر بالرضا والسعادة والسلام الداخلي لنكون النسخة الأفضل من أنفسنا!

xx

يمكنكم التواصل مع زورايا بيرنال على zoraya.bernal@gmail.com

Nakahat Ailiyeh