كتبت: الدكتورة سليفيا زيادين، طبيبة بيطرية
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر، يُشكّل التنقل تحديًا كبيرًا، وهنا يأتي دور الكلاب المرشدة المدربة باحترافية لتُحدث تغييرًا جذريًا في حياتهم. فالرابطة القوية بين المكفوفين وكلابهم المرشدة تخلق تناغمًا استثنائيًا يعزز استقلاليتهم ويمنحهم حرية حركة أكبر.
تُعتبر كلاب الإرشاد أو كلاب المكفوفين، شركاء لا يُقدّر ثمنهم؛ حيث لا يقتصر دورهم على تقديم التوجيه البدني فحسب، بل يضيف دعمًا عاطفيًا ورفقة دائمة؛ لهذا، يستحق هؤلاء الأبطال من ذوي الأربعة أرجل كل تقدير واحتفاء بدورهم المؤثر في تحسين جودة حياة الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر.
التدريب على الشعور القوي بالوعي
تخضع هذه الكلاب الاستثنائية لتدريب مكثف وشامل، مما يمنحها وعيًا فائقًا يمكّنها من إرشاد أصحابها عبر مختلف البيئات، بدءًا من شوارع المدن الصاخبة إلى الأماكن العامة المزدحمة. تمنح الكلاب المرشدة أصحابها إحساسًا بالأمان والحرية، مما يتيح لهم عيش حياة أقرب إلى حياة الأفراد الذين لا يعانون من ضعف البصر.
وعلى الرغم من الفوائد الكبيرة التي تقدمها الكلاب المرشدة، فإن الرحلة لا تخلو من التحديات والصعوبات؛ لذا فإنّ تكريم وتقدير جهود هذه الكلاب يُعد فرصة للاعتراف بالتفاني والالتزام والمرونة التي يتطلبها تدريب هذه الحيوانات الاستثنائية والحفاظ عليها، كما يسلّط الضوء على أهمية تعزيز الوعي وتطبيق التدابير التي تسهّل اندماج الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في جميع جوانب المجتمع.
حقائق عن الكلاب المرشدة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية
هناك أكثر من 200 منظمة مختصة بالكلاب المرشدة حول العالم، تسهم جميعها في تدريب وتأهيل الكلاب المرشدة وتوفيرها للأشخاص الذين يحتاجونها
يتم تأسيس عشرات الآلاف من شراكات الكلاب المرشدة سنويًا على مستوى العالم
تخضع الكلاب المرشدة لتدريب مكثف يمتد عادةً من بضعة أشهر إلى أكثر من عام، حسب احتياجات الفرد والمنظمة المعنية
تصل تكلفة تربية وتدريب وتوفير كلب مرشد للشخص الكفيف إلى آلاف الدنانير، وعادةً ما تغطي هذه النفقات التبرعات الخيرية الدولية
تختلف نسب نجاح برامج تدريب الكلاب المرشدة، حيث تسعى العديد من المنظمات إلى تحقيق نسب نجاح تتراوح بين 70-60%، مما يعني أن غالبية الكلاب تُكمل تدريبها بنجاح وتصبح مرشدة فعالة
تُستخدم الكلاب المرشدة في بلدان متعددة، حيث تُقام برامج تدريب في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وأستراليا
تشمل السلالات الأكثر شيوعًا في الكلاب المرشدة: اللابرادور والجولدن ريتريفر والراعي الألماني، وبعض المزيج من هذه السلالات
في المتوسط، تعمل الكلاب المرشدة لمدة تتراوح بين 8 – 10 سنوات قبل أن تُحال للتقاعد. وبعد التقاعد، يستمر بعضها في العيش مع أصحابها كحيوانات أليفة
عملية التدريب
تبدأ رحلة الكلاب المرشدة بعملية اختيار دقيقة وتدريب مكثف؛ حيث يتم ذلك عادةً بناءً على مزاجها وذكائها وسهولة تدريبها لتصبح مرافقة موثوقة.
وتشمل السلالات المختارة عادةً اللابرادور والجولدن ريتريفر والراعي الألماني، نظرًا لذكائها وطبيعتها الودّيّة وقدرتها العالية على التكيف، كما تعد هذه السلالات معروفة بدورها ككلاب عمل وإرشاد.
يعمل المدربون المحترفون والمنظمات الداعمة للكلاب المرشدة معًا لإتمام عملية التدريب. ولتوفير أساس قوي لمهامها المستقبلية، يتم تسليم الجراء المختارة إلى متطوعين لتربيتها. خلال هذه المرحلة، يتم تعريف الجراء على بيئات متنوعة وأشخاص وظروف مختلفة، وعند بلوغها عمرًا معيّنًا تعود إلى مركز التدريب لاستكمال تعليمها الخاص.
يغطي التدريب مجموعة واسعة من المهارات، مثل تجنب العوائق ورفض الأوامر إذا كانت تشكل خطرًا على صاحبها والإرشاد السليم، وفي نهاية التدريب الذي يستغرق عادةً عدة أشهر، يتم مطابقة الكلب المدرب مع شخص يعاني من ضعف البصر.
جاهزون للمهمة
عند تدريب الكلاب المرشدة وربطها مع مالكيها، تصبح أداة أساسية لتحقيق الحركة الذاتية بثقة؛ حيث يتم تعليمها قيادة مالكيها بأمان حول العوائق والتنبيه على التغيّرات في الارتفاع والتنقّل في بيئات متنوعة مثل الشوارع والأماكن الضيقة.
كما تتجاوز القدرة الفائقة لحواس هذه الكلاب وذكاؤها ما يمكن للتكنولوجيا أو أدوات الحركة تحقيقه بمفردها؛ إذ إنّها تستطيع تقييم البيئات المحيطة والتكيّف معها، مما يوفر مستوى من الدعم لا يمكن مضاهاته.
وينبغي الأخذ بعين الاعتبار أنّ الكلاب المرشدة لا تؤدي هذا الدور فقط، بل إنّها تشكّل رفقةً تغيّر حياة المكفوفين، مما يمنحهم الثقة والحرية في التنقل.
وفيما نحتفي بالأثر الإيجابي لهذه الكلاب، يجب علينا أيضًا أن نعترف بالجهود التي تبذلها المنظمات الداعمة للكلاب المرشدة، بالإضافة إلى المدربين والمتطوعين الذين يجعلون هذه الشراكات ممكنة.
يمكنكم التواصل مع الدكتورة سيلفيا زيادين على cityvet.jo@gmail.com