من القلق إلى الاطمئنان

كتبت: رانية السعدي، اختصاصية صحة نفسية وممارسة  في البرمجة اللغوية العصبية

في مجال صحة المرأة، يعد سرطان الثدي خصمًا قويًا، وبالتالي فإنّ خلق الوعي حول أهمية الفحص المبكر والكشف عنه يُعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان الشفاء، ومع ذلك، لا تزال الكثير من النساء يواجهن الخوف من خوض عملية الفحص.

ما هو الخوف؟

الخوف هو أحد المشاعر الأساسية التي نولد بها كبشر، ويعد الغرض من الشعور بالخوف هو في حمايتنا من الخطر؛ حيث إنّ الوظيفة الأولى للعقل هي إبعادنا عن الخطر، وفي اللحظة التي يشعر فيها العقل الباطن بوجود تهديد، يبدأ في إرسال إشارات إلى الجسم، الذي يبدأ بدوره في إفراز هرمونات التوتر: الكورتيزول والأدرينالين، ومن ثمّ يتدفق الدم إلى العضلات لمساعدتنا على مواجهة الخطر، سواءً عن طريق المواجهة أو الهروب؛ حيث نبدأ في الشعور بانسحاب الدم من الوجه وتشنج العضلات أو توترها.

ومن الطبيعي أنه بمجرد زوال التهديد، تعود مستويات الهرمونات إلى طبيعتها، إلا أنّ المشكلة الأساسيّة تكمن في وجود الخوف والتوتر المستمرين، مما يؤدي إلى ارتفاع مستمر في هذه الهرمونات، وبالتالي يؤثر على صحة الإنسان على المدى الطويل.

القلق

القلق هو جزء من الشعور بالخوف، وهو الخوف من شيء قد يحدث أو لا يحدث في المستقبل، وهو يرتبط أيضًا بعدم القدرة على التحكم في موقف معين في المستقبل؛ فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين يخافون من الطيران في الواقع يخافون من فقدان السيطرة، لأنه إحصائيًا، الجزء الأكثر خطورة من الطيران هو الرحلة بالسيارة من المنزل إلى المطار.

ما لا يعرفه الكثير منّا هو أن الدراسات أظهرت أن أي شعور يجتاز الجسم كتفاعل كيميائي، ومنذ بدايته إلى نهايته، يحتاج إلى 09 ثانية فقط، وبالتالي فإنّ القصص التي نربطها بالحدث هي التي تجعل هذا الشعور يستمر لفترة أطول.

الاعتراف بالقلق

الطريقة الصحية للتعامل مع الشعور بالقلق هي أولًا وقبل كل شيء، الاعتراف بوجوده، ويتم ذلك عن طريق قوله بصوت عالٍ وجعله حقيقيًّا والسماح له بالمرور عبر الجسم لمدة 09 ثانية كاملة.

الشعور بالقلق غير مريح للغاية، ونظرًا لأنّ معظم الناس لا يعرفون كيفية التعامل معه؛ لذا فإنّهم يلجؤون إلى ثلاث طرق، وهي التجنب أو الإلهاء أو التخدير، أما كبت هذه المشاعر فإنّ ذلك يعني أنها تُحفظ في الجسم، مما يؤدي في النهاية إلى أعراض جسديّة وأمراض مثل الصداع النصفي وآلام الظهر والقرحة والسرطان.

التعامل مع القلق الناجم عن اختبار سرطان الثدي

أولاً، يجب الاعتراف بشعور القلق والسماح له بالمرور، ثم يجب طرح مجموعة من الأسئلة على أنفسنا:

1. ما السبب وراء هذا الشعور؟ لأنه لا يمكنك إصلاح ما لا نفهمه، وتعد إحدى التقنيات الفعّالة هي كتابة كل ما يخطر في ذهننا على ورقة، وهي تقنية تُعرف بـ “تفريغ العقل”؛ حيث تعمل هذه التقنية على إزالة الضجيج من الذهن وتمنحنا وضوحًا يساعدنا في معرفة سبب الشعور بالتوتر

2. ما هو أسوأ سيناريو محتمل؟ وهل هناك آخرون مروا بأسوأ الحالات ونجحوا؟

3. ما هي الخطوات التي يمكننا اتباعها للوصول إلى نفس النتيجة؟ تحديد هذه الخطوات يمنحنا شعورًا بالسيطرة

تقنيات التغلب على الخوف من الفحص

يوجد بعض الطرق والتقنيات التي يمكننا استخدامها للتغلب على الخوف من الفحص، ومنها:

التصور: يقول أينشتاين:“الخيال أقوى من المعرفة”؛ حيث إنّ العقل لا يميز بين الحقيقة والخيال، ومن التقنيات الفعّالة للتغلب على الخوف من الاختبار هي تصوّر العملية بأكملها قبل الحدث، وأن نتصورها كما نريدها أن تكون، حينها فإننا نشعر بالإحساس بالراحة بمجرد الانتهاء من ذلك، كما أننا سنشعر بالسعادة والفخر نتيجة الاعتناء بأنفسنا، وذلك من خلال السماح لخيالنا بإظهار الجانب المشرق من هذه التجربة، وحينها فإننا سنشعر فورًا بالهدوء والاسترخاء

التأمل: يساعدنا التأمل في التركيز على الحاضر وليس المستقبل، مما يقلل من مستوى التوتر

تقنية التنفس الصحيحة: يساعدنا الاعتماد على تقنية التنفس الصحيحة قبل التجربة وخلالها بإرسال إشارات مهدئة إلى الدماغ، أما القلق فإنه ينتج عنه التنفس بشكل سريع وقصير

Nakahat Ailiyeh