كتبت: رانيا السعدي، اختصاصية صحة نفسية وممارسة في البرمجة اللغوية العصبية
x
ر
“محبة النفس”هي واحدة من العبارات المألوفة التي نسمعها بشكل دائم، وعلى الرغم من ذلك، لا أحد يعرف ما الذي تعنيه تمامًا، وشخصيًّا فإنني أتلقى العديد من الأسئلة حولها؛ لذا سأتحدث عنها في هذا المقال.
x
على عكس المفهوم الشائع، فإن “محبّة النفس” لا تعني أن يكون الشخص متمحورًا حول ذاته، لكنها تعني أن يضع نفسه بالمقام الأول ويهتم بها، وبهذه الطريقة يصبح قادرًا على الاهتمام بالآخرين.
x
المُعتَني بالغير
يتبنى بعض الأشخاص دور “المُعتني” في حياتهم منذ البداية، وهم الأشخاص الذين عادةً ما يكونون مُرضين للناس، والذين يضعون احتياجات الجميع قبل احتياجاتهم، وفي أي علاقة، فإن المُعتني يقوم بتقديم الكثير، بل وأكثر مما يتلقاه من الشخص الآخر.
x
في أي علاقة، ينتهي المُعتني بإعطاء أكثر بكثير مما يتلقى من الطرف الآخر، وبالتالي فإنّه يتحول سريعًا إلى شخص مُنهك ومرهق دائمًا، كما يصبح مستنزفًا جسديًا وعقليًا، ويجد صعوبةً في طلب المساعدة، ويشكو باستمرار من اهتمامه بالآخرين دون أن يفعل أحد الشيء نفسه معه.
x
قيمة النفس
حب الذات يعني أن نمنح أنفسنا القيمة والاحترام، دون انتظار الآخرين أن يمنحوها لنا، وتبدأ زيادة احترام الذات بكلمات إيجابية نوجهها لأنفسنا يوميًّا، مثل: “أنا جيد بما فيه الكفاية، كما أنا”، ويمكن أن تكون البداية، وكلما كررنا هذه العبارة كلما أصبحت واقعيّةً أكثر؛ حيث إن العقل يتعلم بالتكرار، وبالتالي فإننا نشعر بتحسن ونتصرف بشكلٍ أفضل، مما يساعدنا في تحقيق نتائج أفضل في حياتنا.
x
لذلك، فإنّ علينا في المرات القادمة التي ننظر فيها لأنفسنا في المرآة، الانتباه إلى ما نتحدّث به معها، وما إذا كنّا نتفوّه بكلماتٍ لطيفةٍ أو كلماتٍ تنقص من قيمتنا، وفي حال كانت هذه الكلمات تنقص من قيمتنا، فإنّ علينا أن نسأل أنفسنا سؤالًا آخر، هل نتحدّث إلى أحد أصدقائنا أو إلى أيّ طفل صغير بهذه الطريقة؟ غالبًا فإنّ الإجابة ستكون لا، إذًا لماذا قد نتحدّث مع أنفسنا بهذه الطريقة؟
x
حب الذات
حب الذات أيضًا هو تقدير النفس ورعايتها لنتمكّن من رعاية الآخرين، فكيف يمكننا أن نقدم الحب والعناية بأي شخص آخر إذا لم يكن لدينا هذا الشعور لأنفسنا؟ الحب والرعاية تبدأ من أنفسنا.
x
علينا أن نطرح سؤالًا آخر على أنفسنا لنتمكّن من معرفة ما إذا كنّا نقدّم الحب والرعاية اللازمة لأنفسنا أم لا، مثل: هل نتناول طعامًا صحيًّا؟ هل نشرب كميّةً كافيةٍ من الماء؟ هل نمارس الرياضة والمشي في الطبيعة؟ هل نخصص وقتًا لأنفسنا لممارسة أيّ نشاطٍ نحبه؟
x
حب الذات أيضًا يعني معرفة متى نسمح للآخرين بانتقادنا ومدى ذلك، ومنعهم من التقليل من قيمتنا، وكيف نتصرّف في هذه المواقف.
وبشكل عام فإنّ معظم الناس يتصرفون بطريقتين:
1. سلبية: يتقبلون الانتقادات بداخلهم دون التعبير عنها حتى لا يجرحوا مشاعر الآخرين
2. عدوانية: يقومون بالرد بطريقة عدوانية، دون مراعاة مشاعر الآخرين
x
الأشخاص الذين يمتلكون حب واحترام الذات لن يفعلوا أيًّا من الطريقتين، وتكمن الطريقة الصحيحة للرد هي الرد بثقة ووضوح وبشكل صارم، وتعد معرفة الحقوق الشخصية والالتزامات تجاه الآخرين هي الأساس، وهذا ما يقودنا إلى الرد الصحيح.
x
وأخيرًا، علينا أن نطرح سؤالًا آخر على أنفسنا، هل نحن من الأشخاص الذين يعتذرون للناس باستمرار؟ وغالبًا ما يعتقد الشخص المعتني بالغير أن مسؤوليته تكمن في تحسين الأمور لجميع من حوله، وهي مهمّة مستحيلة؛ لذا عندما يفشلون فإنّهم يشعرون بالذنب ويبدأون بالاعتذار مرةً أخرى.
x
يمكنكم التواصل مع رانيا السعدي على raniasaadi75@gmail.com