كتبت: الدكتورة سهى خليفة
إستشارية طب الأسرة
xx
غالبًا ما يواجه نظام الرعاية الصحية في مناطق النزاع تحدّيات هائلة، في أعقاب التصعيد الأخير وشنّ الغارات على قطاع غزة، أُجبر ما يقرب من مليون شخص على النزوح من منازلهم في الشمال
xx
وقد بلغت الأزمة ذروتها في ظلّ إنتهاك القانون الدولي من خلال تعليق الخدمات العامة، مثل الإمداد بالكهرباء والمياه ، مما شكّل ضغط غير مسبوق على نظام الرعاية الصحية ودفعه إلى شفير الهاوية وبالتالي ستتفاقم الأزمة الإنسانية وتزداد سوءاً
xx
كارثة صحية
يتعرّض سكان غزة لمحن قاسية تتمثّل في التفجيرات المستمرة ونقص المواد الغذائية وشحّ المياه وعدم توفّر الوقود والكهرباء. يعاني الكثيرون من أمراض مزمنة ومضاعفات صحية مهدّدة للحياة ، ناجمة عن نقص الأدوية الأساسية وخدمات الرعاية الصحية، ومما زاد الأمر سوءاً هو الإستهداف المتعمّد للمرافق الطبية مما منعها من توفير أبسط خدمات الرعاية الصحية الأساسية. نحن أمام كارثة صحية وشيكة، تستدعي تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة
داء السكري
يواجه العديد من سكان غزة، مثل كبار السن والأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة والنساء الحوامل، خطر تدهور حالتهم الصحية. إنّ صحة الأطفال، المصابين بداء السكري من النوع الأول، معرّضة للخطر بسبب نقص الكهرباء الضرورية لحفظ الأنسولين ، ونزوحهم لن يزيد الأمر إلا سوءاً
رعاية النساء الحوامل والرضع
تمرّ النساء الحوامل بمحنة شديدة جسديًا وعاطفيًا نظرًا لعدم توفّر الرعاية اللازمة أو خدمات التوليد المناسبة مما يجبر الكثير منهن على الولادة في ظروف غير صحية ، وبالتالي سيرتفع خطر حدوث مضاعفات ووفيات لدى الأمهات والمواليد
كذلك يواجه الرضّع مخاطر متزايدة، نتيجة نقص بدائل الحليب والمياه النظيفة، مما قد يؤدي إلى سوء التغذية والجفاف، بالأخصّ لدى الرضّع الذين فقدوا أمّهاتهم بشكل مأساوي أو ممّن تعرّضت أمهاتهم لإصابات فاضطررن للتوقف عن الرضاعة الطبيعية
الأمراض المعدية
رغم أنّ المادة 51 من القانون الإنساني الدولي تحظر تدمير أو تحويل صرف المياه لأهداف عسكرية، إلا أنه تم تقليص الوصول إلى المياه في غزة، ويشكّل تدمير البنية التحتية للمياه تهديدات خطيرة على الصحة العامة. تتعرض منطقة غزة المكتظة بالسكان لمزيد من التوتر بسبب تدفق الأفراد النازحين من الشمال. يزداد نقص المياه النظيفة، إلى جانب تحديات الحفاظ على النظافة تجنّبًا لخطر الإصابة بالأمراض المعدية، لا سيما لدى الأفراد الذين يعانون من سوء التغذية
تداعيات نفسية
بالإضافة إلى المخاوف الصحية المباشرة، فإن التداعيات النفسية لهذا الصراع عميقة، وستأخذ أشكالًا مختلفة كالإجهاد المزمن والقلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والتدهور العام في الصحة النفسية والعقلية
لقد أدت سنوات من الصراعات المتكررة والإنكماش الإقتصادي إلى تدهور الموارد في غزة. لا شكّ أن الإبادة الجماعية الأخيرة ستؤدي إلى تفاقم الأزمة التي يعاني منها السكان
على ضوء ما سبق ذكره ، هناك حاجة ملحّة لبذل جهود متضافرة بغية تأمين الوصول إلى الرعاية الطبية والمياه النظيفة والإمدادات الأساسية للتخفيف من التداعيات الصحية الناجمة عن الأزمة المستمرة
xx
يمكنكم التواصل مع الدكتورة سهى خليفة على suha.khalifa@gmail.com