لقاء يتجدد مع عائلة البقاعي بعد سبع سنوات
كتبت: حنين سلامة
تصوير: محمد الحوساني
التقينا النائب السابق، المهندس عبد الرحيم البقاعي، قبل سبع سنوات في منزله محاطًا بأفراد أسرته، وحينها كان يخوض تجربة الترشح لمجلس النواب للمرة الثانية، واليوم نلتقيه وقد زاد على ذلك تجربة نيابية ناجحة للمرة الثالثة، تلاها ابتعاد عن العمل السياسي.
حين وصلنا إلى عتبة منزل أسرة البقاعي استقبلتنا أولًا رائحة العود الفواحة، ثم احتضننا دفء وهدوء آسران، وحالما دخلنا استقبلتنا رشا الابنة الكبرى للبقاعي بابتسامتها الودودة، والتي كانت في العشرين من العمر بلقائنا الأول، وكانت تدرس التسويق في الجامعة الأردنية حينذاك. تعمل رشا الآن في مجال اختصاصها وهي متزوجة منذ ثلاث سنوات من زيد عبد اللطيف، الذي أصبح الابن الثاني للعائلة كما تصفه والدتها، رنا الحمصي.
العمل السياسي
يجلس المهندس البقاعي ويحدثنا بصوت هادئ ورزين عن عمله السابق في مجال السياسة والقدر الهائل من المسؤوليات الذي يقع على عاتق من يعمل في هذا المجال، فقال: “يعيش النائب مع القانون، فهو يبدأ بالعمل عليه منذ أن يكون مشروع قانون إلى أن يتم إقراره”، وفي ذلك مسؤولية وجهد كبيران، مما يؤدي إلى انشغاله الدائم عن أسرته وصعوبة قضائه لوقت كاف معهم فيرى البقاعي أن ذلك كان أحد أهم أسباب ابتعاده عن العمل السياسي.
دعم الأسرة
لم تترك العائلة المهندس البقاعي يخوض تجربة الانتخابات وحده، فلم يبخلوا عليه بالدعم في أثنائها وبعد نجاحه، وكانت رشا من أكبر داعمي أبيها في تجربته الثانية حين التقيناها منذ سبع سنوات، واستمرت بعدها فعملت معه في حملته الانتخابية الثالثة، وعن ذلك تقول: “تعلمت من ذلك وأضفت لخبراتي ومعارفي الكثير”، ففي هذا العمل تعرفت على العديد من الأمور ومررت بكثير من التجارب التي لم تكن لتتاح لها لولا الانتخابات، مما أعانها كثيرًا عندما بدأت حياتها العملية، وتضيف: “في هذه المواقف نعرف الناس على حقيقتهم”، الأمر الذي أكده والدها: بأن تجربة خوض الانتخابات كشفت له المعدن الحقيقي للكثير من الناس.
طموح وثقة
أما الابن صالح الذي كان يطمح بدراسة الهندسة والعمل مع أبيه عندما التقينا به عام 2010، فقد لاحق حلمه وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة والماجستير في إدارة الأعمال. ولم نحظ بفرصة لقائه هذه المرة لسفره من أجل العمل. وقد تخصص صالح بمجال في الهندسة، يختلف عن مجال والده وتدرب عليه وعمل فيه، ويعلق المهندس البقاعي على ذلك قائلا: “شجعت صالحا على تخصصه في المجال الذي اختاره هو، وكان اختيارًا صائبًا” مشيرا إلى أن صالحا هو صاحب القرار فيما يتعلق بحياته ومستقبله والأسرة تدعمه في ذلك.
مسؤوليات واختيارات
كان لا بد لرنا من تحمل الكثير من المسؤوليات مع زوجها بالعمل النيابي، وما يرافقه من ثقة الناس وأملهم في الحصول على المساعدة من شخصية يحبونها ويثقون بها، أمر لا يتعلق بعبد الرحيم وحده، ولكنها مسؤولية تمتد لتشمل جميع أفراد الأسرة، فتقول رنا: أن تحملت المسؤولية التي كان لها أثر كبير على العائلة والأبناء في تقدمهم بحياتهم وتحملهم لمسؤولياتهم وقدرتهم على اتخاذ القرار وتعمل رنا الآن على تأسيس عمل خاص بها، يدعمها فيه أفراد الأسرة وتجد فيه راما الابنة الصغرى الإلهام.
راما التي كانت تبلغ أحد عشر عامًا في 2010 أصبحت اليوم شابة ذات طموحات كبيرة وتخطو نحو مستقبلها الدراسي والمهني بخطوات واثقة، فتطمح بدراسة التصميم، وتقول “إن الخيارات ما زالت مفتوحة أمامي لتقرر أين سأدرس داخل الأردن أو خارجه.” ولا نتعجب من اختيارها لهذا التخصص، حين نلقي نظرة حولنا على منزل العائلة الذي يحتوي قطعًا منتقاة من الأثاث، ومنها مقاعد الأرابيسك ومقاعد معتقة، وأخرى بألوان ترابية، بالإضافة إلى التحف والمزهريات التي تكمل المشهد الشرقي، وتضيف له مزيدًا من الجمال.
قلوب بيضاء
اختارت الأسرة مرة أخرى أن ترتدي اللون الأبيض للتصوير مثل المرة السابقة منذ سبع سنوات، وهذا اللون الذي يعبر في الوقت ذاته عن صفاء داخلي، ويجمع الأسرة معًا في صورة تعبر عن الترابط الكبير الذي لا يمكن لأحد إغفاله حين يجلس بينهم؛ فأفراد الأسرة يحرصون على الاجتماع أسبوعيًا، ويرون أن يوم الجمعة هو يوم مخصص للعائلة، وذلك ما أكدته رشا.
لا بد من العمل الجاد
حين نفكر برجل حقق نجاحًا كبيرًا في حياته المهنية، ونجح في الجلوس تحت قبة البرلمان ثلاث مرات، نظن أن حياة أفراد أسرته ستكون سهلة بما يمتلكه الأب من معارف وعلاقات في الدولة، ولكن الأمر على النقيض تمامًا مع أسرة المهندس البقاعي، فتقول رشا: “لأنني ابنة عبد الرحيم البقاعي لا بد لي من أن أبذل مجهودًا أكبر لأثبت نفسي واستحقاقي”، ولا بد من العمل جاهدة لتثبت أنها هي من أوصلت نفسها إلى هذا المكان وليس اسم أبيها. أما راما فتقول عن تجربتها في الحصول على رخصة القيادة: “رفض والدي التدخل بشكل قاطع”، فتُركت راما لتثبت جدارتها برخصة القيادة، وحدها، ويعلق عبد الرحيم: “إننا نتحدث عن حياة الناس هنا، فمن تقود السيارة وهي ليست جديرة بالقيادة ستشكل خطرًا على نفسها، ومن حولها”، وهذا نموذج ينسحب على جميع تفاصيل حياة العائلة، فيثبت أن على أفراد عائلة البقاعي العمل والاجتهاد كغيرهم وعدم الاعتماد بأي شكل على نجاح أبيهم.