كتبت: سيرسا قورشة، اختصاصية طفولة وإرشاد والدي
وجد بعض الأهل لعقود أن الضرب وسيلة فعالة لفرض الانضباط، وما زال بعضهم يلجأ لهذه الوسيلة في أيامنا هذه، وهنا سأقدم لكم بعض نتائج الضرب، وسنلقي الضوء على وسائل أخرى فعالة لتعليم الأطفال السلوكات الصحيحة.
هل يصحح الضرب السلوكات السيئة؟
للضرب نتائج معاكسة تمامًا لما يرغب به الأهل، وأثبتت دراسات أجريت على مدى عقود، أن الضرب عندما يكون “فعالًا” في تصحيح “السلوكات السيئة” فإن أثره يكون مؤقتًا، كما أظهرت الدراسات أنه مع الوقت، كلما تعرض الأطفال للضرب أكثر، زادت فرص نشوء تحديات سلوكية لديهم، وظهور مخرجات غير صحية فيما يتعلق بنموهم الاجتماعي، والعاطفي، والإدراكي.
بدلًا من تربية أطفال مطيعين، ويحسنون التصرف، أظهرت دراسة لجامعتي تكساس وميشيغان في عام 2016 أن الأطفال الذين تعرضوا للضرب، يبدون عدوانية، وتحديات تتعلق بالصحة النفسية، تمامًا كالأطفال الذين تعرضوا للإساءة الجسدية، بالإضافة إلى أن هؤلاء الأطفال سيضربون أطفالهم عندما يصبحون آباءً، كما ضُربوا في طفولتهم، وهناك عامل خطورة آخر، وهو أن الأهل مع الوقت سيجدون أنفسهم بحاجة لزيادة الضرب بعدد المرات والقسوة، مما قد يلحق بالطفل أذية جسدية ونفسية، كما أن الضرب يعلم الأطفال أن الأشخاص الذين يحبونهم ويرعونهم يمكنهم أيضًا أن يلحقوا بهم الأذية، وهذا يعد أمرًا محيرًا ومؤذيًا للأطفال، وعلينا الإشارة إلى أن الأهل يقضون الكثير من الوقت والجهد لتربية أطفال واثقين بأنفسهم، فلماذا نلغي كل هذا الجهد بالضرب؟ فالضرب يقلل من قيمة الأطفال، ويغذي لديهم الخوف والغضب.
العلاقة بين الضرب والعدوانية
تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للضرب ينشأون معتقدين أن الضرب أمر مقبول، فيضربون الآخرين في سن البلوغ، وهنا نوضح أن الضرب لا يعد فعالًا؛ لأنه لا يعلم الأطفال كيف يتصرفون، وينظمون أنفسهم، ويحلون التحديات، ولكنهم يتعلمون أن العدوانية هي الوسيلة الملائمة للتعامل مع الاحباطات، فكيف تظنون أن الأطفال سيتعلمون كيفية ضبط مشاعرهم، إذا كان أهم الأشخاص من البالغين في حياتهم لا يستطيعون ضبط مشاعرهم؟ ففي الغالب يصبح الضرب وسيلة الأهل؛ للتنفيس عن احباطهم في عدم قدرتهم على التحكم بأطفالهم.
بدائل عن الضرب
هناك العديد من الوسائل للتعامل مع سوء التصرف لدى الأطفال:
الحفاظ على الهدوء: من السهل قول ذلك، ولكن من الصعب تطبيقه، وتذكروا أن أطفالكم يتطلعون إليكم لإرشادهم في كيفية التعامل مع الضغوطات والاحباطات.
الابتعاد: يمكنكم إخبار أطفالكم أنكم بحاجة لبضع دقائق؛ لتهدأوا قبل أن تتحدثوا عن أمر ما.
التحدث عن الأمور: وضحوا لأطفالكم أن ما قاموا به كان خاطئًا، وعلموهم كيف يتصرفون في المرة المقبلة.
تعلم الأمور الأساسية في نمو الأطفال وتطورهم: هل تتوقعون الكثير من أطفالكم في هذا العمر؟ ربما ليسوا جاهزين بعد للتصرف بطريقة ما، أو ربما يحتاجون مزيدًا من الوقت، أو المساعدة لتطوير مهارة ما.
بناء علاقة قوية مع الأطفال: عندما يشعر الأطفال بتواصل عاطفي فإنهم يتصرفون بشكل أفضل.
تذكر أن الانضباط يتطلب صبرًا وتفهمًا: إن إعطاء تعليمات معينة لأطفالكم، لا يعني أنهم سيتذكرونها في الساعة التالية، أو في اليوم، أو الأسبوع التالي، فالأطفال بحاجة لتذكير مستمر، ولوضع حدود واضحة.
تعزيز السلوكات الجيدة: عندما يعلم الأطفال أنكم تلاحظونهم عندما يتصرفون بشكل جيد، فإنهم سيستمرون بذلك.
القدوة: إذا أردتم لأطفالكم التصرف بطريقة معينة، فاحرصوا على أن تتصرفوا أنتم بهذه الطريقة أيضًا.
طلب المساعدة: إذا شعرتم أنكم غير قادرين على ضبط مشاعركم، فابحثوا عن مساعدة احترافية لتتعلموا بعض استراتيجيات الرعاية الوالدية الفعالة.
تخصيص وقت للنفس: قوموا بأمر يساعدكم على الاسترخاء والهدوء كلما تمكنتم من ذلك.