الجندرة

أحدث المقالات

شارك مع من تحب

 

كتبت: الدكتورة هبة حدادين، مدربة وخبيرة جندر

 

على الرغم من وجود العلاقة بين أدوار المرأة والرجل، إلا أن مفهوم النوع الاجتماعي “الجندر” كمصطلح يعتبر حديث العهد في عالمنا العربي؛ حيث بدأ انتشاره على الساحة العربية بالثمانينيات والتسعينات من القرن العشرين.

 

انتشر مفهوم النوع الاجتماعي في الغرب في القرن التاسع عشر من خلال ثلاثة موجات نسوية التوجه (Feminism) ظهرت في أمريكيا الشمالية ومن ثم انتقلت إلى أوروبا الغربية عام 1988، حيث طالبت النسويات بالمساواة بين الرجل والمرأة في الواجبات والحقوق، لذلك فهو مفهوم يعتبر غربي الجنسية وشرقي الملامح.

مفهوم النوع الاجتماعي“الجندر”

يُطلق مصطلح النوع الاجتماعي “الجندر” على العلاقات والأدوار الاجتماعية والقيم التي يحددها المجتمع لكل من المرأة والرجل؛ وتتغير هذه الأدوار والعلاقات والقيم وفقًا لتغير المكان والزمان وذلك لتداخلها وتشابكها مع العلاقات الاجتماعية الاخرى مثل الدين والطبقة الاجتماعية والعادات والتقاليد والعرق والبيئة والثقافة والاعلام.

النوع الاجتماعي يجب أن يترادف معه مصطلحا تكافؤ الفرص والعدالة اجتماعية. نقصد بتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية المساواة جميعًا بين الرجل والمرأة في جميع النواحي، إن كانت سياسية أو ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية، ونقصد به أيضًا الحد من التمييز القائم على الجنس.

الفرق بين الجنس والجندر

الجنس هو مجموعة الخصائص البيولوجية والفسيولوجية الخاصة بكل من الذكر والانثى حسب منظمة الصحة العالمية، فالجنس يُبيِّن الاختلاف البيولوجي (الكروموسومات والهرمونات) الذي يُميز الذكر بالإخصاب، ويُميز الأنثى بوجود الرحم وما يترتب على ذلك من الحمل والولادة، وبالطبع اختلاف شكل الاعضاء التناسلية الخارجي وفقًا لمنظمة الصحة العالمية،

النوع الاجتماعي أو “الجندر” هي الأدوار والسلوكيات والأنشطة والصفات المحددة اجتماعيًا بحيث يعتبرها مجتمع ما مناسبة للنساء أو الرجال. يتم بناء النوع الاجتماعي من خلال التنشئة الاجتماعية وتختلف من مجتمع إلى آخر حسب العادات والتقاليد والقيم والمعايير والاتجاهات ومستوى المساواة ﺑﻳن اﻟﺟنسين والعدالة في تكافؤ الفرص، كما يمكن تغييرها وتعديلها.

أدوار الجندر

الأدوار التي يحددها المجتمع للمرأة والرجل معًا، والتي تُكتسب من خلال التنشئة الاجتماعية، وتتغير بمرور الزمن وتتباين داخل الثقافة الواحدة ومن ثقافة إلى أخرى:

  •   الدور الانجابي:

لا يرتبط انجاب الأطفال والحمل والولادة فقط بالمرأة، بل ينتج عن هذا الدور عدد من المسؤوليات المشتركة والمهام المنزلية والعائلية والتي يقوم بها المرأة والرجل معًا، مثل مسؤولية تنشئة الأطفال ورعايتهم وتربيتهم وغيرها من الأعمال المنزلية.

  •   الدور المجتمعي:

يُعتبر الدور المجتمعي امتدادًا للدور الإنجابي ويمتد من الاهتمام العائلي إلى الاهتمام المجتمعي. يتوزع هذا الدور بين المرأة والرجل على حسب الثقافة المجتمعية، ويُؤدى هذا الدور بشكل تطوعي للمساهمة في تطوير المجتمع.

  •   
الدور الانتاجي:

وهي الأدوار التي يقوم بها كل من النساء والرجال مقابل أجر؛ ويشتمل الإنتاج وجلب الدخل سواء كان في السوق أو في المنزل. تفيد مؤشرات الفجوة الجندرية الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2018 إلى وجود أربعة محاور رئيسية للمرأة في العالم وهي الصحة والتعليم والمشاركة السياسية والتمكين الاقتصادي. تشير الأرقام إلى أن نسبة مشاركة المرأة في السياسة والاقتصاد متدنية، بينما نسبة مشاركتها في قطاع الصحة والتعليم مرتفعة؛ بناءً على هذه المؤشرات يجب التصدي لهذه الفجوة وايجاد حلول لرفع نسبة مشاركة المرأة في القطاعين الاقتصادي والسياسي كما يجب زيادة دور المرأة في عملية اتخاذ القرار وتخفيض الفروقات في الأجور بين المرأة والرجل وتعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية التي تحكم سلوك المرأة والرجل بهدف القضاء على الفجوات الجندرية.

  •   الدور السياسي:

احتكر الرجال المناصب السياسية والقيادية ومراكز اتخاذ القرار في العالم، وما زال دور المرأة في هذا المجال مقيد ونسبة مشاركتها ضئيلة.

النوع الاجتماعي لا يختص بالمرأة فقط ولا بالجنس ولا بالسيطرة على الرجل وليست حركة تهدف لتدمير العائلة ولا لنقض القيم والعادات والتقاليد المجتمعية، ولا يعني أيضًا تخلي المرأة عن رعاية أطفالها ولا ترك انوثتها؛ بل نعني بالنوع الاجتماعي أدوار وحقوق وواجبات وممارسات المرأة والرجل في المجتمع. المرأة والرجل جسدين بروح واحدة؛ لإن الكون قائم على ثنائية المرأة والرجل، والله خلق البشر على هيئة نوعين وجنسين هما ذكر وانثى، ولا يستطيع الكون أن يقوم على جنس واحد يستقوي على الآخر. كما يجب تعزيز التنشئة الاجتماعية والمساواة ﺑﻳن اﻟﺟنسين والعدالة في تكافؤ الفرص وإدراك أن أدوار اﻟنوع اﻻﺟﺗماعي ناتجة ﻋن ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟمجتمع وﻳمكن ﺗﻐﻳﻳرها ﻟﻠرﺟل واﻟمرأة.

يمكنكم التواصل مع الدكتورة هبة حدادين على hhaddadeen@yahoo.com

Nakahat Ailiyeh