بابا غير الكلّ!

أحدث المقالات

شارك مع من تحب

الأب الحاضر الغائب

 ‎

كتبت: دينا هلسة، اختصاصية علم نفس تربوي

 ‎

في مجتمع يضع كامل مسؤولية تربية الأطفال على الأمهات، يشيع غياب الأب عن المنزل.

يتطلب مني عملي كمدربة مهارات ذهنية أن أجلس مع كلا الوالدين لمساعدة أطفالهم، فأرى عدد قليل من الآباء الذين يحضرون ويشاركون زوجاتهم في مسؤولية تربية الأطفال. لسوء الحظ، يعتقد الكثير من الآباء أنهم إذا وفروا دخل وحققوا استقرار مادي للأسرة هنا ينتهي دورهم.

 ‎

يلعب الآباء دورًا كبيرًا في نمو أطفالهم، كما تؤثر مشاركة الآباء في تربية الأطفال على نموهم من الناحية النفسية والادراكية والاجتماعية.

 ‎

تشير العديد من الدراسات على أن الأطفال الذين يشارك كلا الوالدين في تربيتهم يحققون انجازات وأداء أكاديمي أعلى. يساهم الآباء الجيدين في تربية أطفال أكثر توازن من الناحية النفسية والاجتماعية والمعرفية.

 ‎

أي رجل يمكن أن يكون أبًا لكن الأب المميز هو الذي يكون بابا. هنا بعض النصائح حول كيف يمكن للآباء أن يشاركوا أكثر في حياة أطفالهم.

 ‎

التواجد بجانب الأطفال

جميعنا نحتاج أن نشعر أنه هنالك شخص يسندنا، شخصًا يتواجد بجانبنا بغض النظر عما يحدث معنا ومستعد لمساعدتنا على أن نتخطى أي شيء نمر به. يساهم وجود آباء إيجابين ومتواجدين في حياة أطفالهم في تربية أطفال يشعرون بحس عالي بالأمان والرفاهية وتقدير الذات.

 ‎

دعونا نستذكر طفولتنا للحظة، هل تتذكرون ما كان يقوله أباؤكم لكم؟ إذا كان شيء إيجابي، هل تظنون أنه يهم الآن؟

 ‎

ما هو شعوركم؟ إذا كان شيء سلبي، هل تريدون لأطفالكم أن يشعروا بهذا النوع من الألم؟ هل ما زلتم تشعرون به حتى الآن؟

 ‎

يكون الآباء حاضرين في حياة أطفالهم عندما يخصصون وقتًا لأطفالهم غير العمل. بدلًا من الجلوس بهدوء أمام التلفاز، يمكن للآباء أن يشاركوا في حياة أطفالهم من خلال التحدث معهم عن يومهم والاستماع لما يقولونه بكل اهتمام وبدون إطلاق الأحكام.

 ‎

الاعتراف بالخطأ

يمكن للآباء أن يقرّوا بأخطائهم ويعتذرون عنها وهذا شيء غير مخجل. يمكن للأطفال أيضًا تحقيق قدر أكبر من التفهم العاطفي وتقدير الذات عندما يقرون بأخطائهم ويعتذرون عنها. يظن الكثير من الناس أن هذه اشارة على الضعف بينما هي في الواقع العكس تمامًا. أحد أكثر الأشياء التي يصعب القيام بها هي الاعتذار عن الأخطاء، لكن هذا يظهر للأطفال قوة أهاليهم!

 ‎

هذا سيساعد أيضًا في إفهام الأطفال أنه عندما يقترف شخص ما خطأ، هذا لا يجعل منه شخص سيء. يعتقد الكثير من الأطفال أنه اقترافهم لأخطاء ما يجعل منهم أشخاصًا سيئين. من خلال تثقيفهم أن الفعل نفسه هو الخاطئ وليسوا هم، وأن الشخص يمكنه دائمًا الاعتذار وتصحيح الأخطاء، ثقتهم وتقديرهم لنفسهم لن يتأثروا.

 ‎

المدح والتحلي بالايجابية

ما زلت أتذكر كلمات أبي وأنا أتقدم بالعمر وكل المدح الذي تلقيته منه للإنجازات الصغيرة التي استطعت تحقيقها آنذاك. حتى الإنجازات البسيطة كانت إنجازات ضخمة بالنسبة له. فلا يسعني إلا الإبتسام عندما أتذكر كيف كان يفكر بي. أنا متأكدة أنه كأب حكيم رأى الكثير من الأشياء التي كان من الممكن تحسينها، لكن مع كل إيجابيته ومدحه لي، بنظري هو كان ينظر لي وكأنني نجمته الصغيرة. هذه الذكريات مطبوعة في ذاكرتي الآن. عندما أفكر في أبي، أتذكر مدى الحب والدعم الذي قدمه لي طوال الوقت.

 ‎

دعونا نتأكد من استخدام كلمات غنية بالمدح والحب. يتعرض بعض الأطفال للسخرية من قبل الكثير من الأشخاص حولهم. دعونا نعلمهم أنه بغض النظر عما يحدث،بابافخور بأصغر إنجازاتهم.

 ‎

كردّ لكثير من الأشخاص الذين يسألون دائمًا وأنصحهم أنه للحصول على السلوك الذي نريده من الأطفال، علينا أن نقوم به أمامهم وثم نمدحهم عندما يقومون به. تجاهل السلوكيات السلبية بكل بساطة وتعزيز السلوكيات الإيجابية سيحدث الكثير!

 ‎

منح الأطفال المسؤولية

نرى الكثير من الأهالي الذين يقومون بكل شيء لأطفالهم ويفترضون أنهم يساعدونهم من خلال أخذ الحمل عنهم. على الأطفال أن يدركوا أنهم بحاجة للعمل بجد للحصول على أي شيء بالحياة. حتى لو كان الأهل من الأرصدة البنكية العالية ولديهم أطفال مؤمنين لمدى الحياة، ما زالوا يحتاجون إلى فهم قيمة الأشياء وأن يتحملوا مسؤولية أفعالهم والعمل بجد. إذا لم يتحملوا المزيد من المسؤولية مع السنوات، قد يفقدوا كل شيء في يوم واحد.

 ‎

يستطيع الآباء مساعدة أطفالهم على تحمل مسؤولية دراستهم واسناد مهام لهم مثل ترتيب أسرتهم ووضع أطباقهم في مكانها المخصص. حتى تبني حيوانات أليفة قد يساعدهم على تعزيز حس المسؤولية لديهم. يحتاج الأطفال إلى معرفة كيفية الاعتماد على أنفسهم لأنهم في يوم ما الحياة ستطالب منهم تحمل كامل المسؤولية حيال أنفسهم والآخرين.

 ‎

لا يهم من تكون كأب الآن، إذ يمكن دائمًا أن تكون أفضل. هنالك دائمًا شيء إضافي يمكننا القيام به لنكون حاضرين أكثر لأطفالنا.

 ‎

هذا المقال هو تكريم خاص لوالدي عامر هلسة الذي مضى سبعة عشر عامًا على وفاته، لكنه يبقى حيًا في قلوبنا

Nakahat Ailiyeh